أُقيل معلم في مدرسة ابتدائية في لندن وأُحيل إلى السلطات بعد أن صرح لتلميذ مسلم بأن بريطانيا “دولة مسيحية”، وفقًا للمحامي الذي يدعم طعنه القانوني. وتأتي هذه القضية، التي تعود إلى وقت سابق من هذا العام، لتضاف إلى الجدل الأوسع حول حرية التعبير والتعددية الثقافية واستخدام آليات الحماية في المدارس البريطانية – وهي النظام المصمم لضمان بيئة آمنة يتعلم فيها الأطفال. وتثير هذه الحادثة تساؤلات حول حدود حرية التعبير في المؤسسات التعليمية وتأثيرها على التنوع الديني.
قضية “الدولة المسيحية” وتداعياتها على حرية التعبير
أفاد اللورد توبي يونغ، مدير اتحاد حرية التعبير، أن الاتهام الرئيسي يتعلق ببيان المعلم بأن بريطانيا لا تزال دولة مسيحية. وأوضح يونغ أن هذا التصريح ليس مثيرًا للجدل بشكل خاص، بل هو مجرد ذكر لحقيقة بسيطة، مشيرًا إلى أن الملك هو رأس الكنيسة الإنجليزية. وتشير القضية إلى تصاعد المخاوف بشأن تقييد حرية التعبير في سياق الحساسيات الدينية.
بالإضافة إلى ذلك، تضمنت الشكوى قيام التلميذ بغسل قدميه في مغسلة المدرسة – وهو طقس تحضيري للصلاة لدى المسلمين. وأضاف يونغ أن والد التلميذ قدم شكوى لأن المعلم طلب منه عدم غسل قدميه في مغاسل المدرسة. ويؤكد هذا الجانب من القضية على التحديات التي تواجهها المدارس في التوفيق بين الممارسات الدينية المختلفة واللوائح المدرسية.
تزايد الإحالات إلى لجان الحماية
أشار يونغ إلى أن اتحاد حرية التعبير يشهد زيادة في الإحالات إلى لجان الحماية بسبب الآراء السائدة. وأوضح أنهم يتعاملون مع أكثر من عشر قضايا لأشخاص أُحيلوا إلى هذه اللجان بتهمة تهديد سلامة الأطفال، لمجرد الآراء التي عبروا عنها. وهذا الاتجاه يثير قلقًا بشأن إساءة استخدام آليات الحماية لقمع الآراء غير المتوافقة.
بعد إقالة المدرسة للمعلم، أُحيلت القضية إلى هيئة تنظيم التدريس (TRA). وذكر يونغ أن الهيئة عقدت جلسة استماع كاملة وأصدرت حكمًا يقضي بـ “عدم وجود قضية” ضده. لو سارت الأمور على عكس ذلك، لكان المعلم قد مُنع من ممارسة المهنة مدى الحياة. ويقوم اتحاد حرية التعبير حاليًا بتمويل دعوى قضائية رفعها المعلم بسبب الإقالة غير العادلة.
ويرى يونغ أن هذه القضية مرتبطة بنقاش وطني حول عمل الحكومة البريطانية على وضع تعريف غير إلزامي لـ “الإسلاموفوبيا”، وهو ما يعارضه تنظيمه. وحذر من أن هذا التعريف قد يتم تضمينه في “مدونات السلوك” مع عواقب تأديبية محتملة. ويثير هذا الجدل تساؤلات حول تعريف الإسلاموفوبيا وتأثيره على حرية التعبير.
في سياق متصل، يرى يونغ أن الحزب الحاكم يخشى خسارة مقاعد برلمانية لصالح مرشحين مستقلين مسلمين – وهي ديناميكية يرى أنها خلقت حوافز سياسية لمنح “حمايات خاصة” للدواائر الانتخابية المسلمة. ويشير هذا إلى أن الاعتبارات السياسية قد تؤثر على السياسات المتعلقة بالحرية الدينية والتعبير.
تأتي هذه الأحداث في أعقاب قضايا أخرى تتعلق بحرية التعبير في المملكة المتحدة، مثل قضية القس الذي فاز بمعركته القانونية للاستمرار في الوعظ في الشوارع بعد أن طلبت منه الشرطة عدم مناقشة الأديان الأخرى. وتؤكد هذه الحالات على التحديات المستمرة في تحقيق التوازن بين حرية التعبير والحماية من التمييز والكراهية.
تتزايد المخاوف بشأن تأثير هذه التطورات على المناخ العام لحرية التعبير في المملكة المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالدين والمعتقد. وتشير بعض الآراء إلى أن هناك اتجاهًا متزايدًا نحو تقييد الخطاب الذي قد يُعتبر مسيئًا أو مثيرًا للجدل، حتى لو لم يكن ينتهك القانون.
من المتوقع أن تستمر الدعوى القضائية التي يرفعها المعلم، وقد تصدر المحكمة حكمًا نهائيًا بحلول نهاية العام. كما يجب مراقبة التطورات المتعلقة بتعريف الإسلاموفوبيا وتأثيره المحتمل على السياسات المدرسية وقوانين حرية التعبير.






