اكتشف فريق من الأطباء المتخصصين في علم الوراثة وعلم الأعصاب وجود صلة وثيقة بين الأمراض النفسية، مثل الفصام، والطفرات في جين GRIN2A. يفتح هذا الاكتشاف العلمي آفاقًا جديدة لتصميم علاجات وقائية مستقبلية للأفراد المعرضين للخطر، مما يمثل تقدمًا هامًا في فهم هذه الحالات المعقدة.
تم إجراء هذا البحث من قبل علماء في [اسم المؤسسة أو الجامعة، إذا كان متاحًا] ونُشرت نتائجه في مجلة Molecular Psychiatry. يركز البحث على دور جين GRIN2A في تنظيم التواصل بين الخلايا العصبية، وهو أمر بالغ الأهمية للوظائف الدماغية الأساسية. تشير النتائج إلى أن الطفرات في هذا الجين قد تكون عاملاً حاسماً في تطور الفصام.
جين GRIN2A والفصام: علاقة وراثية جديدة
جين GRIN2A مسؤول عن إنتاج بروتين GluN2A، الذي يلعب دورًا حيويًا في تنظيم التواصل بين الخلايا العصبية. عندما يعمل هذا الجين بشكل مثالي، فإنه يعزز انتقال الإشارات الكهربائية بين الخلايا العصبية، مما يسهل عمليات التعلم والذاكرة واللغة وتطور الدماغ. أظهرت الدراسة أن الطفرات في هذا الجين تقلل من نشاط مستقبل NMDA الكهربائي، وهو عنصر أساسي في التواصل العصبي.
من بين 121 شخصًا شملتهم الدراسة، كان لدى 85 منهم متغير في جين GRIN2A، وتطور المرض النفسي لدى 23 منهم. تشير هذه النتائج إلى أن الأفراد الذين يحملون هذا الطفرة لديهم خطر كبير للإصابة بالأمراض النفسية مقارنة بأولئك الذين لا يحملون أي اختلافات في الجين. علاوة على ذلك، أظهر المرضى أعراضًا نفسية بحتة، مما يقلل بشكل كبير من احتمالية تفسيرات بيئية أو سياقية.
تحدي النظريات السائدة حول أسباب الأمراض النفسية
يتناقض هذا الاكتشاف مع الفهم السائد بأن الأمراض النفسية لها أصول متعددة العوامل. حتى الآن، كان يُعتقد أن هذه الأمراض تنشأ من تفاعل العديد من العوامل، بما في ذلك العوامل الوراثية والبيئية. تُظهر هذه الدراسة للمرة الأولى أن طفرة في جين واحد يمكن أن تؤثر بشكل كبير على تطور مرض نفسي.
تعتبر الأبحاث السابقة حول علاج نقص مستقبلات NMDA، الناجم عن طفرة GRIN2A، باستخدام L-serine (السيرين)، وهو حمض أميني، ذات صلة. أظهرت تجربة سابقة شملت أربعة مرضى مصابين بالفصام تحسنًا ملحوظًا بعد تلقي العلاج بالسيرين، بما في ذلك اختفاء الهلوسة وتخفيف أعراض جنون الارتياب وتحسن السلوك.
ومع ذلك، يوضح الباحثون أن هذه التجربة الأولية أجريت قبل الدراسة الرئيسية ولا يمكن اعتبارها حاليًا علاجًا نهائيًا. يشيرون إلى أن فعالية L-serine يمكن تأكيدها من خلال تجربة سريرية عشوائية مستقبلية مزدوجة التعمية، وهي معيار ذهبي في البحث الطبي. هذا يعني أن الدراسة يجب أن تتم على مجموعة كبيرة من المرضى، وأن يتم توزيعهم عشوائيًا على مجموعات تتلقى العلاج أو دواء وهمي، وأن لا يعرف المشاركون أو الباحثون من يتلقى أي علاج.
الفصام: لغز طبي مستمر
الفصام هو مرض نفسي معقد يتميز بالأوهام والهلوسات والتفكير واللغة غير المنظمة والتغيرات السلوكية وفقدان الدافع أو المتعة. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يؤثر هذا الاضطراب على حوالي 23 مليون شخص حول العالم، أي ما يعادل 0.29٪ من إجمالي السكان. في البالغين، يرتفع هذا المعدل إلى 0.43٪، مما يعني أن شخصًا واحدًا من بين كل 233 شخصًا يصاب به.
يتمتع الأطباء الآن بفهم جيد لأعراض الفصام وحددوا النطاقات العمرية التي يظهر فيها عادةً. تتوفر علاجات فعالة، وتم التعرف على العديد من عوامل الخطر، بما في ذلك الوراثة والكيمياء العصبية والعوامل الخارجية مثل الإجهاد أو تعاطي المخدرات. ومع ذلك، لا يزال فهمنا لهذا المرض غير مكتمل.
على الرغم من التقدم المحرز، لم يتمكن العلم حتى الآن من تحديد سبب واحد محدد للفصام أو شرح التباين بين الأفراد المعرضين للخطر بشكل كامل. قد يصاب بعض الأشخاص بالمرض بينما لا يصاب به آخرون، حتى لو كان كلا الوالدين قد تم تشخيصهما بالفصام. كما لا توجد استراتيجية واضحة لمنع ظهوره.
من المتوقع أن تركز الأبحاث المستقبلية على إجراء تجارب سريرية واسعة النطاق لتقييم فعالية L-serine كعلاج محتمل للفصام. بالإضافة إلى ذلك، سيستمر العلماء في استكشاف دور جين GRIN2A وعوامل وراثية أخرى في تطور الأمراض النفسية، بهدف تطوير علاجات أكثر استهدافًا وفعالية. من المهم مراقبة التقدم المحرز في هذا المجال، حيث يمكن أن يؤدي إلى تغييرات كبيرة في طريقة تشخيص وعلاج هذه الحالات الصعبة.






