تواجه شخصية بارزة في عالم موسيقى الراب، شون “ديدي” كومز، جدلاً واسعاً قبل محاكمته بتهمة الاتجار بالجنس في عام 2025. وبينما تتركز الأضواء حالياً على هذه التهم الخطيرة، تطفو على السطح أيضاً نظريات المؤامرة القديمة والمتعلقة بوفاة كل من توباك شاكور ونوتوريوس بي. آي. جي. في التسعينيات، مع اتهامات مبطنة تربط ديدي بتلك الأحداث المأساوية.
لطالما نفى ديدي أي تورط في مقتل شاكور وبي. آي. جي، ولم يتم توجيه أي اتهامات جنائية إليه بشكل مباشر. ومع ذلك، فقد أشار بشكل متقطع إلى تأثير هذه الخسائر الفادحة على مشهد الهيب هوب. وأقر في مقابلة مع برنامج “توداي” التلفزيوني عام 2017، بقلقه العميق على سلامة فنانيه وسلامته الشخصية في تلك الفترة.
ديدي وحرب الساحل الشرقي والغربي في موسيقى الراب
في أوائل التسعينيات، كان توباك شاكور اسماً لامعاً في شركة “دث رو ريكوردز” التي مقرها لوس أنجلوس، وهي منافسة رئيسية لشركة “باد بوي ريكوردز” التي أسسها ديدي في نيويورك، والتي كان نوتوريوس بي. آي. جي أحد أبرز فنانيها. تصاعد التنافس بين الساحل الشرقي والغربي في موسيقى الراب، وتجلى ذلك في تبادل الإهانات في الأغاني ووسائل الإعلام، وحتى في المواجهات الجسدية العلنية.
في 30 نوفمبر 1994، تعرض شاكور لهجوم مسلح في بهو فندق “كواد ستوديوز” في مدينة نيويورك. كان شاكور في طريقه لبدء محاكمته بتهمة الاعتداء الجنسي، واتفق على تسجيل صوتي مع أحد مساعدي ديدي مقابل مبلغ مالي. خلال الهجوم، أطلق 3 مجهولون النار على شاكور وأصابوه بخمس رصاصات. وعلى الرغم من نجاته، سرق المهاجمون مجوهرات تبلغ قيمتها 40 ألف دولار.
أدى هذا الحادث إلى توتر كبير في العلاقة بين شاكور وديدي، وتفاقمت الأمور بسبب الخلاف الشخصي بين ديدي وسوج نايت، رئيس “دث رو ريكوردز”. وفي مقابلة مع مجلة “فايب” عام 1996، ألمح شاكور إلى تورط ديدي في الهجوم، ولكنه رفض الخوض في التفاصيل، قائلاً إنه يمتلك “أدلة” ولكنه لا يرغب في “تشويه سمعة” أحد.
لم يتم حل لغز الهجوم على شاكور في “كواد ستوديوز” حتى الآن. وفي عام 2011، ادعى ديكستر إسحاق بأنه تلقى 2500 دولار من جيمس روزموند، وهو مدير تنفيذي في شركة تسجيلات، مقابل إطلاق النار على شاكور وسرقة مجوهراته. ولم يتم توجيه اتهامات رسمية لإسحاق، ونفى روزموند أي علاقة له بالحادث.
في عام 2008، صرح أحد المتعاونين السابقين مع ديدي لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بأن ديدي كان على علم بالهجوم قبل وقوعه. ونشرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” ادعاءات بأن اثنين من مساعدي ديدي السابقين “دبروا لكمين” لشاكور في “كواد ستوديوز”، لكنها اضطرت لاحقاً إلى سحب التقرير بعد أن تبين أن بعض التقارير التي اعتمدت عليها كانت “مزورة” وأن ادعاءات أخرى “لا تدعم عناصر رئيسية من القصة”.
نفى ديدي هذه الادعاءات بشدة، واصفاً تقرير “لوس أنجلوس تايمز” بأنه “سخيف وكاذب تماماً”. وأكد أنه لم يكن على علم بأي هجوم قبل أو أثناء أو بعد وقوعه. ومع ذلك، تصاعدت حدة التوتر بين فناني الساحل الشرقي والغربي بعد حادثة “كواد ستوديوز”.
في فبراير 1995، أصدر ديدي ونوتوريوس بي. آي. جي أغنية “Who Shot Ya?”، والتي اعتبرها شاكور استهزاءً صريحاً بالحادث الذي تعرض له. ورد شاكور بإطلاق أغنية “Hit ‘Em Up” عام 1996، والتي تضمنت إهانات مباشرة لـ بي. آي. جي وديدي.
وفاة توباك شاكور ونظريات المؤامرة
في 7 سبتمبر 1996، تعرض توباك شاكور لإطلاق نار في لاس فيغاس بعد مغادرته مباراة ملاكمة بين مايك تايسون وبروس سيلدون في فندق “إم جي إم غراند”. تشير التقارير إلى أنه بعد مشادة كلامية مع أورلاندو أندرسون، وهو أحد أعضاء عصابة “ساوث سايد كومبتون كريبس”، تعرض شاكور لإطلاق نار من سيارة كاديلاك بيضاء أثناء توقفه عند إشارة المرور.
نقل شاكور على الفور إلى مركز جامعة نيفادا الطبي، حيث توفي بعد ستة أيام متأثراً بنزيف داخلي. لم يتم القبض على أي شخص في القضية حتى عام 2023، عندما تم توجيه تهمة القتل العمد إلى دوان “كييف دي” ديفيس، وهو قائد سابق في عصابة “ساوث سايد كومبتون كريبس”.
اتهمت الشرطة ديفيس بأنه أمر بقتل شاكور، على الرغم من وجود نظريات متضاربة حول هوية الشخص الذي أطلق النار بالفعل. ويُعتقد أن أندرسون أو مساعده، دي أندري “بيج دري” سميث، هما من نفذا عملية القتل. (توفي أندرسون في مايو 1998 وتوفي سميث في أواخر عام 2004).
أقر ديفيس ببراءته من التهم الموجهة إليه، ويحاكم حالياً في لاس فيغاس. ويجادل محاموه بأن التهمة يجب إسقاطها لأنه مُنح حصانة مقابل مشاركة معلومات مع المحققين في عامي 2008 و 2009.
صلة ديدي بمقتل توباك شاكور
كشف تقرير صادر عن إدارة مكافحة المخدرات (DEA) حصلت عليه “يو إس إيه توداي” عن أن الوكلاء الفيدراليين استجوبوا ديفيس في عامي 2008 و 2009. وادعى ديفيس في تلك الاستجوابات أن ديدي عرض مكافأة قدرها مليون دولار لقتل شاكور ونايت، لكنه نفى تلقي أي أموال.
ووفقاً لما ذكره ديفيس، فإن ديدي قال: “سأدفع أي مبلغ للحصول على رؤوس هؤلاء الرجال”.
في مذكراته التي نشرت عام 2019، “Compton Street Legend”، كتب ديفيس أنه التقى بديدي سراً في مطعم “جرينبلاتس” في لوس أنجلوس، حيث طلب منه ديدي “التكفل ببعض المشاكل” المتعلقة بشاكور ونايت.
لكن ديدي نفى هذه الادعاءات بشدة، ووصفها بأنها “كاذبة”. وأكد متحدث باسم شرطة لاس فيغاس أن ديدي لم يكن يوماً مشتبهاً به في القضية.
وقد أثار فنانون آخرون أيضاً تساؤلات حول احتمال تورط ديدي في مقتل شاكور. وفي أغنيته “Killshot” عام 2018، اقترح إيمينيم أن ديدي يخفي الحقيقة حول إطلاق النار عام 1996.
وفي حلقة من برنامجه على يوتيوب، “The Joe Budden Podcast”، ذكر جو بودين أن ديدي أبلغه بأنه “تعامل” مع الخلاف مع إيمينيم.
كما وجه 50 سنت، وهو منافس قديم لديدي، اتهامات مماثلة على مر السنين، من خلال تسليط الضوء على فيلم وثائقي بعنوان “Murder Rap: Inside the Biggie and Tupac Murders”، والذي يطرح نظرية مفادها أن ديدي قد يكون أمر بقتل شاكور.
أما شقيق توباك شاكور، موبريم شاكور، فقد صرح في مقابلة حديثة أن ديدي اتصل به شخصياً بعد مقتل توباك، وأكد له أنه لم يكن له أي علاقة بالجريمة. ومع ذلك، أكد موبريم أن عائلته “تواصل التحقيق” في مقتل شقيقه.
في عام 2016، نفى ديدي أي تورط له في مقتل شاكور، واصفاً الادعاءات بأنها “هراء”.
من المتوقع أن تبدأ محاكمة دوان ديفيس في فبراير 2026. وستراقب الأوساط الإعلامية والقانونية القضية عن كثب، بحثاً عن أي أدلة جديدة قد تلقي الضوء على ملابسات مقتل توباك شاكور. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه القضية ستؤدي إلى كشف الحقيقة الكاملة وراء هذه الجريمة التي هزت عالم موسيقى الراب.






