تزايدت المخاوف بشأن تأثير الاستثمارات الصينية، وخاصةً مبادرة الحزام والطريق، على حقوق الإنسان والبيئة في دول مثل المجر. وقد رفض متحدث باسم السفارة الصينية في الولايات المتحدة فكرة أن هذه الاستثمارات تنتهك حقوق الإنسان، مؤكداً أن الهدف الرئيسي للمبادرة هو دعم النمو الاقتصادي المستدام ومساعدة الدول الشريكة على التنمية ومكافحة الفقر، وهو ما يعتبر حقاً أساسياً. وتثير هذه الاستثمارات جدلاً واسعاً حول التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة وحقوق المجتمعات المحلية.
تتركز هذه القضية حالياً في المجر، حيث تتهم منظمات بيئية وأكاديميون الحكومة بتسريع وتيرة الاستثمارات الصينية، وعلى رأسها مصانع بطاريات السيارات الكهربائية، من خلال تخفيف الرقابة وتسريع إجراءات الترخيص. يأتي هذا في وقت تشهد فيه البلاد انتقادات لتقليصها من دور وزارة البيئة وقمع المعارضة.
الاستثمار الصيني ومخاوف حقوق الإنسان
تعتبر مبادرة الحزام والطريق (BRI) من أكبر المشاريع التنموية في العالم، حيث تهدف إلى ربط آسيا وأوروبا وأفريقيا من خلال شبكة واسعة من البنية التحتية. وتشمل هذه المشاريع طرقاً وسكك حديدية وموانئ ومحطات طاقة، بالإضافة إلى مصانع مثل تلك التي يتم بناؤها في المجر. لكن هذه الاستثمارات واجهت انتقادات متزايدة بسبب قضايا تتعلق بالشفافية والاستدامة والآثار الاجتماعية والبيئية.
الوضع في المجر: مصانع البطاريات والاحتجاجات
في مدينة ميكيبيرتس المجرية، أصبحت شركة CATL الصينية، وهي إحدى أكبر الشركات المصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، لاعباً رئيسياً في الاقتصاد المحلي. وقد أقامت الشركة مصنعاً ضخماً يمتد على مساحة واسعة، مما أثار قلق السكان المحليين والناشطين البيئيين.
تتهم الناشطة إيزابيلا كوزما السلطات المجرية بتجاهل مخاوفهم بشأن التأثير البيئي للمصنع، بما في ذلك استهلاك المياه وتلوث الهواء وتدمير الأراضي الزراعية. وقد تعرضت كوزما لحملات تشويه على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المؤيدة للحكومة، حيث زُعم أنها تعمل لصالح جهات أجنبية معادية لمصالح المواطنين.
على الرغم من هذه الحملات، تصر كوزما على مواصلة النضال من أجل حقوق مجتمعها. وقد دعت إلى مزيد من الوعي والتعبئة الشعبية لمواجهة ما تصفه بـ “محاولات السلطات لإسكات المعارضة وتثبيط عزيمة المواطنين”.
تأثير الاستثمارات على البيئة والمجتمع
بالإضافة إلى مصنع CATL، يجري بناء العديد من المصانع الأخرى في المنطقة، والتي تنتج مكونات أخرى لبطاريات السيارات الكهربائية. وقد أدى ذلك إلى تحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق صناعية، وإغلاق خطوط السكك الحديدية الإقليمية التي كانت تعيق مسار الشركة.
ويرى منتقدو هذه الاستثمارات أنها تعطي الأولوية للنمو الاقتصادي على حساب حماية البيئة وحقوق المجتمعات المحلية. ويشيرون إلى أن عملية الموافقة على المشاريع كانت سريعة وغير شفافة، وأن السلطات لم تأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ المخاوف البيئية والاجتماعية التي أثارها السكان المحليون.
في المقابل، تدافع الحكومة المجرية عن هذه الاستثمارات، مشيرة إلى أنها تخلق فرص عمل وتساهم في التنمية الاقتصادية للبلاد. وتؤكد أن الشركات الصينية تلتزم بالمعايير البيئية المجرية والأوروبية، وأن أي تأثير سلبي على البيئة يتم معالجته بشكل فعال.
ردود الفعل الصينية
كما ذكرنا سابقاً، رفض متحدث باسم السفارة الصينية في الولايات المتحدة الاتهامات بأن الاستثمارات الصينية تنتهك حقوق الإنسان. وأكد أن مبادرة الحزام والطريق تهدف إلى تعزيز التعاون المتبادل والاحترام والمساواة بين الصين والدول الشريكة، ومساعدة هذه الدول على تحقيق التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر.
وأضاف المتحدث أن الصين تولي أهمية كبيرة للاستدامة البيئية في مشاريعها الاستثمارية، وأنها تعمل مع الدول الشريكة لضمان حماية البيئة والموارد الطبيعية.
هذا الموقف يعكس حرص الصين على الدفاع عن مبادرة الحزام والطريق، التي تعتبرها عنصراً أساسياً في سياستها الخارجية والاقتصادية.
تعتبر قضية الاستثمارات الصينية في المجر جزءاً من نقاش أوسع حول دور الصين المتزايد في الاقتصاد العالمي وتأثيره على حقوق الإنسان والبيئة.
من المتوقع أن تستمر هذه المناقشات في المستقبل، خاصةً مع استمرار الصين في توسيع نطاق مبادرة الحزام والطريق وزيادة استثماراتها في جميع أنحاء العالم.
في الوقت الحالي، من المقرر أن تواصل شركة CATL بناء مصنعها في المجر، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في عام 2024. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن التأثير الفعلي لهذا المشروع على البيئة والمجتمع المحلي، وما إذا كانت السلطات المجرية ستتخذ خطوات إضافية لمعالجة المخاوف التي أثارها المنتقدون.






