تشهد أسواق معدن الليثيوم في الصين، الذي يُعد من المعادن الأساسية في صناعة البطاريات، تقلبات متزايدة في الأسعار، مع إقبال المستثمرين على الشراء تحسباً لاحتمال تعرض الإمدادات للاضطراب.
ارتفعت أسعار كربونات الليثيوم المتداولة في بورصة غوانغتشو للعقود المستقبلية بنسبة 8% الجمعة الماضية، وهو الحد الأقصى للارتفاع اليومي المسموح به، لتُسجل بذلك مكاسب أسبوعية بلغت 14%. دفعت هذه المكاسب البورصة إلى إصدار إشعار للحد من تداولات المضاربة، وهو ما أسهم في دفع الأسعار للانخفاض بمقدار الحد اليومي المسموح به اليوم الاثنين. ارتفعت أسهم الشركات المنتجة أيضاً، إذ صعد سهم شركة “تيانكي ليثيوم” وشركة “تشنغشين ليثيوم غروب” (Chengxin Lithium Group) بنحو 25% هذا الشهر في بورصة شنتشن.
تقليص المعروض من الليثيوم
جاء هذا الارتفاع بعد تحركات قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص المعروض، وسط تزايد القلق بشأن آفاق الإنتاج، إلى جانب تركيز الحكومة على كبح الصناعات التي تعاني من فائض في السعة الإنتاجية، في إطار حملتها ضد ما يُعرف بـ”الإنهاك التنافسي” (involution).
وقال روبن تيسيران، رئيس قسم معادن البطاريات في شركة الوساطة “إس سي بي غروب”: “تداولات المضاربة المرتكزة على ضجيج السوق أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار”، مشيراً إلى أن ذلك رفع الأسعار الفعلية لخام السبودومين (الخام الذي يحتوى على كربونات الليثيوم) وتسبب في تقلبات شديدة بعقود التداول الدولية التي تديرها مجموعة “سي إم إي غروب”.
وسوق الليثيوم ليست غريبة عن الاضطرابات والتقلبات العنيفة في الأسعار؛ فبعد أن بلغت الأسعار الفورية ذروتها عند نحو 600 ألف يوان (84 ألف دولار أميركي) للطن في 2022، انهارت إلى نحو 60 ألف يوان بوقت سابق من العام الجاري نتيجة فائض في المعروض ومؤشرات على تباطؤ نمو الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية.
اقرأ المزيد: إنتاج الليثيوم بطيء وملوث.. هل هناك حل؟
هذا الانهيار دفع السوق إلى الترقب لإجراءات من شأنها كبح الفائض. وتُعد مقاطعة جيانغشي ومدينة ييتشون التابعة لها -مركز إنتاج الليثيوم- من أبرز النقاط محل الاهتمام، إذ من المتوقع أن تسهم المقاطعة بحوالي 10% من الإنتاج العالمي للمعدن العام الحالي، بحسب كاميرون بيركس، مدير منتجات الليثيوم في شركة الاستشارات “بنشمارك مينيرال إنتليجنس” (Benchmark Mineral Intelligence).
احتياطي الليثيوم
طلب مكتب الموارد الطبيعية في ييتشون بوقت سابق من الشهر الجاري من 8 شركات تعدين تقديم تقارير احتياطي الخام بحلول نهاية سبتمبر المقبل، وذلك عقب عملية تدقيق كشفت عن مخالفات في تسجيل التراخيص وإجراءات الموافقة، وفقاً لمذكرات صادرة عن وسطاء ومحللين من بينهم مجموعة “جيفريز فايننشال غروب”. ولم يتم الرد على الاتصالات الموجهة إلى الحكومة المحلية.
في الأسبوع الماضي، أعلنت شركة “جيانغشي سبيشال إلكتريك موتور” (Jiangxi Special Electric Motor) أن وحدتها في ييتشون ستوقف خطوط إنتاج أملاح الليثيوم لمدة تقارب 26 يوماً، وذلك لأسباب تتعلق بخفض التكاليف وأعمال الصيانة. كما أعلنت شركة “سينوماين ريسورس غروب” (Sinomine Resource Group) في يونيو الماضي أنها ستوقف مشروعاً في جيانغشي لمدة 6 أشهر لتعديل تقنياتها.
اقرأ أيضاً: الصين تقود إنتاج الليثيوم في أفريقيا لتأمين إمدادات معدن البطاريات
تخضع مراكز أخرى للتدقيق أيضاً، إذ أمرت السلطات في مقاطعة تشينغهاي شركة “زانغي ماينينغ” الشهر الماضي بوقف أنشطة تعدين غير قانونية.
اختتمت “جيفريز” في مذكرة للعملاء الجمعة الماضية: “رغم أن التأثير على حجم الإنتاج ما يزال محدوداً في الوقت الحالي، فإن القلق يكمن في احتمال استخدام فحص حقوق التعدين كأداة للتحكم في المعروض، خصوصاً في ظل بيئة مناهضة للإنهاك التنافسي”، مشيرة إلى “توقعات بتشديد عمليات التفتيش، ما قد يؤدي إلى شُح في السوق إذا نُفذت بصرامة”.