أعلنت وزارة الصحة الدنماركية عن تعويضات مالية تقدر بـ 300 ألف كرونة دانماركية (حوالي 47 ألف دولار) لكل امرأة من جرينلاند تضررت بسبب زرع أجهزة منع الحمل (اللولب) دون موافقتها، وذلك في إطار اتفاق تاريخي يهدف إلى معالجة ممارسات قسرية حدثت لعقود. ويأتي هذا الإعلان بعد سنوات من الدعوات لتقديم اعتذار وتعويضات للنساء اللواتي تعرضن لهذه الانتهاكات.

فضيحة أجهزة منع الحمل: تفاصيل التعويضات

تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الدانماركية وأغلبية واسعة في البرلمان لتقديم هذه التعويضات للمتضررات. ووفقًا للوزارة، ستكون النساء اللواتي زُرعت لهن أجهزة اللولب داخل أرحامهن دون علمهن خلال الفترة من عام 1960 إلى 1991 مؤهلات للتقدم بطلبات للحصول على التعويضات اعتبارًا من أبريل/نيسان من العام المقبل. ومن المتوقع أن يتم صرف المدفوعات في وقت لاحق من العام نفسه.

خلفية تاريخية للمشكلة

تعتبر هذه الممارسة القسرية لمنع الحمل بمثابة “فصل مظلم في التاريخ المشترك بين الدانمارك وجرينلاند”، كما وصفتها وزارة الصحة الدنماركية. وتشير التقديرات إلى أن آلاف النساء في جرينلاند قد تعرضن لزرع أجهزة منع الحمل دون الحصول على موافقة مسبقة، في بعض الحالات وهن في سن مبكرة جدًا.

وكانت رئيسة الوزراء الدانماركية، ميته فريدريكسن، قد قدمت اعتذارًا رسميًا باسم الدولة الدانماركية في سبتمبر/أيلول الماضي خلال مراسم أقيمت في جرينلاند. وقالت فريدريكسن إن ما حدث كان “خطأ فادحًا” وأعربت عن أسفها العميق للمعاناة التي تسببت بها هذه الممارسات.

الدافع وراء الممارسات القسرية

يعتقد العديد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان أن السلطات الدانماركية كانت تحاول الحد من نمو السكان في جرينلاند خلال تلك الفترة. ويرجع ذلك إلى مخاوف تتعلق بالموارد المتاحة والتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المنطقة.

ومع ذلك، يرى آخرون أن الدافع كان مرتبطًا بالسيطرة على السكان الأصليين وفرض أجندة ثقافية معينة. وتشير بعض التقارير إلى أن بعض الأطباء كانوا يعتقدون أن منع الحمل هو وسيلة لتحسين صحة النساء في جرينلاند، على الرغم من عدم وجود موافقة منهن.

ردود الفعل والتحديات

رحب العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق المرأة في جرينلاند بهذا الإعلان ووصفوه بأنه خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة. ومع ذلك، أعرب البعض عن قلقهم بشأن عملية تقديم طلبات التعويضات، وما إذا كانت ستكون سهلة الوصول إليها لجميع النساء المتضررات.

بالإضافة إلى ذلك، هناك جدل مستمر حول ما إذا كانت التعويضات المالية كافية لتعويض الضرر النفسي والعاطفي الذي تعرضت له النساء. ويرى البعض أنه يجب تقديم خدمات دعم نفسي واجتماعي إضافية للمتضررات.

مستقبل القضية والخطوات التالية

من المتوقع أن تبدأ وزارة الصحة الدنماركية في وضع التفاصيل النهائية لعملية تقديم طلبات التعويضات في الأشهر المقبلة. ومن المقرر أن يتم الإعلان عن هذه التفاصيل في أوائل العام المقبل.

وسيكون من المهم مراقبة كيفية تنفيذ هذه التعويضات وما إذا كانت ستؤدي إلى تحقيق العدالة الكاملة للنساء المتضررات. كما سيكون من الضروري معالجة القضايا الأساسية التي أدت إلى هذه الممارسات القسرية، وضمان عدم تكرارها في المستقبل. تظل قضية أجهزة منع الحمل في جرينلاند تذكيرًا مؤلمًا بأهمية احترام حقوق الإنسان والحصول على موافقة مستنيرة في جميع الإجراءات الطبية. وتشير التوقعات إلى أن هذه القضية ستظل قيد المتابعة في الدنمارك وجرينلاند خلال الأشهر والسنوات القادمة، مع التركيز على ضمان حصول جميع المتضررات على الدعم والتعويض المناسبين. كما أن مسألة الصحة الإنجابية وحقوق المرأة ستظل في صدارة النقاش العام.

شاركها.