كان نمو الوظائف في الولايات المتحدة أقل بكثير خلال العام المنتهي في مارس مما أشارت إليه التقديرات السابقة، ما يضيف إلى الضغوط المتزايدة على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
من المرجح أن يتم تعديل عدد العاملين على كشوف الأجور بالخفض بمقدار قياسي يبلغ 911 ألف وظيفة، أو ما يعادل 0.6%، وفقاً للمراجعة المعيارية الأولية التي أصدرتها الحكومة يوم الثلاثاء. ومن المقرر صدور الأرقام النهائية مطلع العام المقبل.
نصف الأرقام المعلنة
قبل صدور التقرير، أشارت بيانات الحكومة لكشوف الأجور إلى أن أصحاب العمل أضافوا ما يقرب من 1.8 مليون وظيفة في الإجمالي خلال العام المنتهي في مارس على أساس غير معدل موسمياً، أي بمتوسط 149 ألف وظيفة شهرياً. وأظهرت المراجعة أن متوسط النمو الشهري للوظائف كان يقارب نصف هذا الرقم فقط.
تشير تعديلات مكتب إحصاءات العمل إلى أن تباطؤ سوق العمل في الأشهر الأخيرة أعقب فترة ممتدة من نمو أكثر اعتدالاً للوظائف، وهو ما قد يمهد الطريق لسلسلة من خفض أسعار الفائدة بدءاً من الأسبوع المقبل. وكان رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قد أقر مؤخراً بأن المخاطر على سوق العمل ازدادت، فيما فضّل اثنان من زملائه خفض تكاليف الاقتراض في يوليو.
سوق العمل الضعيفة تغذي رهانات خفض الفائدة الأميركية
ويتوقع المتعاملون على نطاق واسع أن يُقدم صانعو السياسة النقدية على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعهم الذي يستمر يومين في 17 سبتمبر. وارتفعت عوائد سندات الخزانة بينما عكس مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) مكاسبه السابقة.
سوق عمل أضعف
قال سال غواتييري، كبير الاقتصاديين في “بي إم أو كابيتال ماركتس”، في مذكرة: “سوق العمل كانت أضعف مادياً مما قدّره مكتب إحصاءات العمل في البداية خلال العام حتى مارس 2025، وهو ما يمنح الفيدرالي سبباً إضافياً لخفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل”.
كشوف الأجور خفضت في جميع القطاعات تقريباً ومعظم الولايات. وشهدت منشآت الجملة والتجزئة أكبر المراجعات بالخفض، تلتها قطاعات الترفيه والضيافة. كما تم تعديل بيانات الخدمات المهنية والتجارية وكذلك التصنيع بشكل ملحوظ بالخفض.
ورغم أن المراجعات المعيارية تُجرى كل عام، فإنها حظيت هذا العام باهتمام إضافي من المستثمرين ومتابعي “الفيدرالي” الباحثين عن أي إشارات على أن سوق العمل قد تتباطأ بوتيرة أسرع مما كان يُعتقد سابقاً.
ضغوط سياسية
أدت التعديلات الكبيرة على بيانات الوظائف الشهرية إلى إثارة غضب في البيت الأبيض وأدت إلى إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرئيس مكتب إحصاءات العمل في أغسطس. وكان قد وجّه العام الماضي انتقادات للرئيس السابق جو بايدن، مشككاً في نزاهة إدارته وسجله الاقتصادي بعد مراجعة أولية كبيرة مماثلة في المراجعة المعيارية الأولية لعام 2024.
وفي نهاية المطاف، لم تكن المراجعة النهائية لعام 2024 بالحدة نفسها التي أشارت إليها الأرقام الأولية، لكنها ظلت الأكبر منذ 2009.
نزاهة بيانات مكتب إحصاءات العمل تحت المجهر
وعلى الرغم من انتقادات ترمب، فإن المراجعات الشهرية والسنوية تُعتبر جزءاً روتينياً من عملية تحديث التقديرات مع توافر بيانات إضافية. لكن التعديلات أصبحت أكبر من المعتاد في السنوات الأخيرة، وهو ما يُرجعه بعض الاقتصاديين إلى ديناميكيات فريدة لما بعد الجائحة.
قالت وزيرة العمل لوري تشافيز-دريمر في بيان: “إن المراجعة الكبيرة اليوم تمنح الشعب الأميركي سبباً إضافياً للتشكيك في نزاهة البيانات التي ينشرها مكتب إحصاءات العمل”. وأضافت: “بالنظر إلى أن هذه التقارير تُشكل أساس التوقعات الاقتصادية وقرارات السياسات الكبرى، فلا مجال لوجود خطأ بهذا الحجم وبشكل متكرر. من الضروري أن تظل البيانات دقيقة وحيادية وألا تُغيّر أبداً لتحقيق مكاسب سياسية”.
بينما يُعد حجم المراجعة كبيراً في حد ذاته، إلا أنه ليس ضخماً في سياق الاقتصاد الأوسع، وفقاً لجوزيف بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في “آر إس إم يو إس” (RSM US). وقال في مذكرة: “في اقتصاد يعمل فيه 163.3 مليون شخص، فإن مراجعة بالخفض بواقع 911 ألف وظيفة موزعة على مدى اثني عشر شهراً ليست كبيرة من منظور كمي. ولن نعرف التوزيع الشهري لهذه المراجعات حتى فبراير 2026”.