أعلنت وزارة الداخلية الأمريكية عن رسوم دخول جديدة للمتنزهات الوطنية، تبلغ 100 دولار للشخص الواحد للزوار الأجانب، مما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير ذلك على السياحة في هذه الوجهات الشهيرة. فيما تهدف الحكومة إلى زيادة الإيرادات لصيانة المتنزهات وتحسينها، يخشى العاملون في قطاع السياحة من انخفاض أعداد الزوار الدوليين. ومن المقرر تطبيق هذه الرسوم اعتباراً من الأول من يناير 2026.
وتشمل المتنزهات المتأثرة بهذه الرسوم يلوستون، جراند كانيون، أكاديا، برايس كانيون، إيفرغلايدز، جراند تيتون، روكي ماونتن، سيكويا، كينغز كانيون، ويوسمايت، وصهيون الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، سترتفع أسعار تذاكر الدخول السنوية للزوار الأجانب إلى 250 دولاراً للسيارة الواحدة، بينما ستحافظ الولايات المتحدة على سعر 80 دولاراً للتذكرة السنوية.
مخاوف في قطاع السياحة بشأن رسوم الدخول الجديدة للمتنزهات الوطنية
أعرب العديد من الشركات السياحية عن قلقها من أن هذه الرسوم الجديدة قد تثبط عزيمة المسافرين الأجانب عن زيارة المتنزهات. مارك هاوزر، صاحب فندق Whistling Swan بالقرب من متنزه جلاسير الوطني، صرح بأن حوالي 15% من زبائنه من الأجانب، وأنهم بالفعل يدفعون رسوماً حالية قدرها 35 دولارًا لكل مركبة. يرى هاوزر أن زيادة الرسوم بشكل كبير على الأجانب قد يضر بالشركات المحلية التي تعتمد على هؤلاء الزوار.
في السياق نفسه، أشار بريان باتشيلدر، من شركة Let’s Go Adventure Tours and Transportation، إلى أن حوالي 30% من زبائنه من الأجانب، وأن هذه النسبة في ازدياد. ويعتقد باتشيلدر أن هذه الرسوم تمثل “زيادة كبيرة جداً” وقد تؤدي إلى انخفاض في الإقبال على المتنزهات. السؤال المطروح الآن هو هل سيستمر الزوار الأجانب في القدوم إلى الولايات المتحدة على الرغم من هذه الرسوم؟
مقارنة مع دول أخرى
وفقاً لميليسا ويديل، مديرة معهد أبحاث السياحة والترفيه بجامعة مونتانا، فإن العديد من الدول الأخرى تفرض بالفعل رسومًا إضافية على الزوار الدوليين للدخول إلى المواقع العامة. على سبيل المثال، يدفع الزوار الأجانب إلى جزر غالاباغوس في الإكوادور 200 دولار للشخص البالغ، بينما يدفع المواطنون الإكوادوريون 30 دولارًا فقط. يرى البعض أن هذا النهج يعتبر منطقيًا لضمان مساهمة الزوار الدوليين في الحفاظ على هذه المواقع.
“تسعير أمريكا أولاً” وزيادة الإيرادات المتوقعة
وصفت وزارة الداخلية الأمريكية هيكل الرسوم الجديد بأنه “تسعير أمريكا أولاً”، بهدف ضمان مساهمة الزوار الدوليين في جهود الحفاظ على المتنزهات. وبحسب تحليل أجرته مجموعة أبحاث الملكية والبيئة، يمكن أن تدر الرسوم على متنزه يلوستون وحده حوالي 55 مليون دولار سنوياً، مما يساعد في إصلاح البنية التحتية المتدهورة. وتشير التقديرات إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يجمع أكثر من مليار دولار من حوالي 14 مليون زائر دولي سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، يجادل مؤيدو الرسوم بأن المواطنين الأمريكيين بالفعل يدفعون ضرائب أعلى، وأن الرسوم الإضافية على الزوار الأجانب تعكس مساهمتهم العادلة في صيانة هذه المناطق الطبيعية. وقد قدم مشرعون جمهوريون مشروع قانون إلى الكونجرس لتشريع هذه الرسوم الإضافية، مع دعم من نواب مثل رايلي مور ورايان زينكي.
انتقادات من موظفي خدمة المتنزهات
لم تلق هذه الرسوم قبولاً من الجميع، حيث انتقدها ائتلاف من موظفي خدمة المتنزهات الحاليين والسابقين. أعربت إميلي طومسون، المديرة التنفيذية لتحالف حماية المتنزهات الوطنية الأمريكية، عن قلقها من أن هذه الرسوم ستزيد العبء على الموظفين الذين يعانون بالفعل من نقص في عدد الموظفين، خاصة وأن خدمة المتنزهات شهدت تخفيضاً بنسبة 25% تقريباً في عدد موظفيها.
وشدد جيري سيفو جيمس، نائب مدير حملة Sierra Club’s Outdoors for All، على أن إدارة ترامب عملت على تقويض خدمة المتنزهات من خلال خفض الميزانية وتسريح الموظفين. يرى جيمس أن الاعتماد على الرسوم المفروضة على السياح الأجانب لن يوفر الدعم المالي الكافي للمتنزهات، وأن ذلك قد يؤدي إلى تدهور هذه “الجواهر التاجية” للأراضي العامة.
من المتوقع أن تستمر وزارة الداخلية الأمريكية في جمع البيانات المتعلقة بالزوار الدوليين بدءًا من يناير، مما سيوفر صورة أوضح عن تأثير الرسوم الجديدة على السياحة والإيرادات. وسيكون من المهم مراقبة التطورات المتعلقة بهذا الإجراء، بالإضافة إلى أي تحركات مستقبلية من قبل الكونجرس لتشريعه بشكل كامل. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الرسوم ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة من حيث زيادة الإيرادات وتحسين المتنزهات، أم أنها ستؤدي إلى انخفاض في عدد الزوار الدوليين وعواقب سلبية على قطاع السفر.






