تواجه مبادئ “الحق في الإصلاح” (Right to Repair) صعوبات في إقرارها ضمن قانون التفويض الدفاعي الوطني (NDAA) للعام 2026، والذي يهدف إلى تأمين التمويل للجيش الأمريكي. وتشير مصادر مطلعة على المفاوضات الجارية إلى احتمال حذف هذه المبادئ من النسخة النهائية للقانون، على الرغم من الدعم الحزبي الكبير الذي تحظى به.
وتتعلق هذه المبادئ بمنح أفراد الجيش الأمريكي القدرة على إصلاح معداتهم بأنفسهم، بدلاً من الاعتماد على فنيين معتمدين من الشركات المصنعة. وبحسب التقارير، من المرجح استبدال هذه المبادئ بخطة اشتراك في خدمات البيانات (Data-as-a-Service) تفيد شركات الدفاع، مما يثير جدلاً حول الكفاءة والاعتماد على الذات.
أهمية “الحق في الإصلاح” للجيش الأمريكي
أصبح “الحق في الإصلاح” قضية معقدة في المجال العسكري. فعندما تتعطل طائرة بدون طيار، أو طائرة مقاتلة، أو حتى موقد في سفينة بحرية، يواجه الجنود الأمريكيون صعوبة في إصلاح هذه الأعطال بأنفسهم. في كثير من الحالات، يتعين عليهم طلب فني مؤهل من الشركة المصنعة لإجراء الإصلاحات في الموقع.
لطالما شدد الجيش على رغبته في تجاوز هذه العقبات من خلال تزويد الأفراد بالأدوات والمواد اللازمة لإجراء الإصلاحات بأنفسهم ميدانياً. وقد دعا الجيش بشكل متكرر الكونجرس إلى تمكينه من ذلك. ومع ذلك، هناك جهات في واشنطن تسعى إلى تقويض هذه المبادرات، بدعم من مجموعات شركات الدفاع التي تبيع المعدات والخدمات للجيش، والتي قد تتكبد خسائر إذا تم تمكين الجيش من إجراء إصلاحاته الخاصة.
تضارب المصالح بين الشركات المصنعة والمصالح الوطنية
يأتي هذا التطور في وقت يمر فيه قانون NDAA بعملية دمج بين النسخ التي أقرتها كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب. ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى النسخة النهائية بحلول الأسبوع المقبل، وسيتم التصويت عليها في كلا المجلسين قبل إرسالها إلى الرئيس دونالد ترامب للتوقيع عليها وتحويلها إلى قانون.
senator إليزابيث وارن، من ولاية ماساتشوستس، وهي من الداعمين لقوانين إصلاح المعدات، أضافت المادة 836 إلى نسخة مجلس الشيوخ من قانون NDAA. تستلهم هذه المادة من “قانون حق إصلاح المعدات العسكرية” (Warrior Right to Repair Act) الذي قدمته في يوليو الماضي، مطالبة الشركات بتزويد وزارة الدفاع الأمريكية بحقوق تشخيص وصيانة وإصلاح المعدات الدفاعية.
كما تمت إضافة مادة مماثلة إلى نسخة مجلس النواب من قانون NDAA، بقيادة النائب مايك روجرز، الجمهوري عن ولاية ألاباما ورئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب، بدعم من عضو اللجنة آدم سميث. تنص المادة 863 على “اشتراط حصول المقاولين على حق الوصول المعقول إلى مواد الإصلاح”. وتهدف هذه المادة إلى تمكين أفراد الجيش من إصلاح معداتهم بأنفسهم دون الحاجة إلى الاعتماد على الشركات المصنعة، مما يوفر الوقت وأموال دافعي الضرائب.
وصرحت السناتور وارن لصحيفة Roll Call الأسبوع الماضي: “القادة العسكريون وأفراد الخدمة والبيت الأبيض ومئات الشركات الصغيرة يتفقون جميعهم على أن إصلاحات الحق في الإصلاح هذه ضرورية للغاية. إن شركات الدفاع العملاقة التي تقاوم هذه الإصلاحات أكثر اهتمامًا بإيجاد طرق جديدة للاستفادة من جيشنا ودفعي الضرائب منها بتقوية الأمن القومي.”
تأثير خطط الاشتراك في خدمات البيانات
يتسبب التحول المقترح نحو خطط اشتراك في خدمات البيانات في قلق متزايد. فالاعتماد على هذه الاشتراكات يعني أن الجيش سيظل مقيدًا بالشركات المصنعة للحصول على المعلومات والأدوات اللازمة للإصلاح. وهذا يثير مخاوف بشأن التكلفة والاعتمادية والاستقلال التكنولوجي. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا التوجه إلى إضعاف قدرة الجيش على الاستجابة السريعة للأعطال في الميدان، خاصة في المناطق النائية أو التي تعاني من ظروف قاسية.
و قد يشير هذا التغيير إلى تحول في أولويات وزارة الدفاع نحو الاعتماد بشكل أكبر على الاستعانة بمصادر خارجية للخدمات اللوجستية والصيانة. و بينما يمكن أن توفر هذه الاستراتيجية بعض المزايا من حيث الكفاءة والتخصص، إلا أنها يمكن أن تزيد أيضًا من نقاط الضعف المحتملة وتقوض القدرة الداخلية للجيش على الابتكار والتكيف مع التحديات الجديدة. ويدعم هذا الاتجاه فكرة الصيانة العسكرية كخدمة مستمرة وليست قدرة داخلية.
الأمن السيبراني هو جانب آخر مهم في هذه المناقشة, حيث أن الاعتماد على الخدمات الرقمية يزيد من المخاطر المحتملة للاختراقات والهجمات السيبرانية التي قد تعطل عمليات الإصلاح وتضر بالأمن القومي.
أما بالنسبة لتكاليف التشغيل, فعلى الرغم من أن الشركات المصنعة قد تروج لخطط الاشتراك كحل فعال من حيث التكلفة، إلا أن هناك قلقًا من أن هذه التكاليف قد تتصاعد بمرور الوقت، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق على المدى الطويل.
من المتوقع أن يتخذ الكونجرس قرارًا بشأن النسخة النهائية من قانون NDAA في الأسبوع المقبل. وتبقى النتيجة غير مؤكدة، حيث أن المفاوضات لا تزال جارية. وسيتعين على المراقبين متابعة التطورات عن كثب لمعرفة ما إذا كانت مبادئ “الحق في الإصلاح” ستحظى بالدعم اللازم لإدراجها في القانون النهائي، أم أنها ستستبدل بخطة اشتراك في خدمات البيانات تفيد شركات الدفاع.






