استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا بمصافحة دافئة وتربيتة على ذراعه يوم الجمعة، حيث استهل الزعيمان قمتهما المرتقبة، حيث يسعى الزعيم الأميركي إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.

نزل الزعيمان من طائرتيهما، وسارا على السجاد الأحمر قبل أن يلتقيا على مدرج المطار في افتتاحية مُعدّة بعناية. صفق ترمب وهو يشاهد بوتين يقترب.

توقف ترمب وبوتين للحظة لمشاهدة تحليق جوي، وشوهد الرئيس الأميركي يضع يده على ظهر الزعيم الروسي أثناء نزولهما الدرج. بدا الزعيمان وكأنهما يتبادلان أطراف الحديث الودي عند دخولهما سيارة “الوحش”، وهي سيارة الليموزين المُؤمّنة للرئيس الأميركي، ومغادرتهما. وُجهت أسئلة كثيرة للزعيمين من قبل الصحفيين، لكنهما لم يُجيبا.

شوهد الزعيم الروسي يضحك عند مغادرة السيارة، حيث بدأ زيارة تُمثّل أول دعوة له إلى الولايات المتحدة منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

بدا واضحاً منذ البداية الطابع العشوائي للاجتماع الذي رُتّب بسرعة. صرحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن الاجتماع المنفرد المُخطط له مسبقاً بين ترمب وبوتين سيكون جلسة ثلاثية، بمشاركة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف. إلا أن ركوب السيارة الرئاسية أتاح لبوتين وقتاً للتحدث مع ترمب دون حضور مساعديهما الكبيرين، مما أتاح له فرصة لقاء الرئيس الأميركي على انفراد.

من المقرر عقد مؤتمر صحفي مشترك بين ترمب وبوتين بعد لقائهما. وصرح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في وقت سابق بأن المحادثات قد تستمر من 6 إلى 7 ساعات، وفقاً لوكالة “إنترفاكس” الروسية.

القمة تنعقد في قاعدة “إلمندورف-ريتشاردسون” العسكرية الأميركية، وتشكل مخاطرة سياسية لترمب الذي تعهّد خلال حملته الانتخابية بإنهاء أسرع حرب مميتة في أوروبا منذ عقود، لكنها أيضاً فرصة لرئيس يقدّم نفسه باستمرار على أنه القادر الوحيد على تحقيق السلام.

كيف يرى ترمب القمة؟

قلّل ترمب من سقف التوقعات، قائلاً إنه ينظر إلى القمة على أنها “جلسة استكشافية” تمهّد لاجتماع ثانٍ أكثر أهمية قد يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وربما حلفاء أوروبيين، حيث يمكن لموسكو وكييف “إبرام صفقة”. كما سعى لتهدئة مخاوف العواصم الأوروبية من أن يقدم تنازلات كبيرة لبوتين، أو يبرم اتفاقاً يتضمن تبادل أراضٍ أو تنازلاً أوكرانياً عن مناطق دون موافقة كييف.

وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” على متن طائرة الرئاسة الأميركية، أكد ترمب أنه “سيغادر” إذا لم تسر المحادثات بشكل جيد. كما أشار للصحفيين إلى إمكانية تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا “بالتعاون مع أوروبا ودول أخرى”، لكن “ليس في إطار الناتو”. ورغم أنه قال مراراً إن أوكرانيا قد تحتاج إلى تبادل أراضٍ مع روسيا، شدد على أن القرار يعود لكييف.

قال ترمب عن مسألة تبادل الأراضي: “يجب أن أترك القرار لأوكرانيا… أنا لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، بل لأجمعهم إلى الطاولة”.

ماذا عن بوتين؟

أمّا بالنسبة لبوتين، فإن الزيارة تمثل مكسباً سياسياً بحد ذاتها، إذ يحظى، لأول مرة منذ غزوه الشامل لأوكرانيا عام 2022، باستقبال على أرض أميركية من دون تقديم أي تنازلات، مما يمنحه فرصة غير مسبوقة لإعادة ضبط العلاقات مع واشنطن. ويواصل بوتين الاعتماد على تفوق قواته ميدانياً، فيما يحرز تقدماً بطيئاً في حرب طاحنة.

أطلق بوتين تصريحات ودية قبل القمة، مشيداً بـ”الجهود النشطة والمخلصة” لترمب لوقف الحرب، وطرح إمكانية استئناف التعاون الاقتصادي والتوصل إلى معاهدة جديدة للحد من التسلح، في محاولة لكسب ود الرئيس الأميركي الذي يصف نفسه بصانع السلام والصفقات.

بوتين يسعى لاتفاق للحد من التسلح بعد قمته مع ترمب

آفاق التعاون الاقتصادي ومصالح أوكرانيا

ويُتوقع أن يضم الوفد المرافق لبوتين وزير الخارجية سيرغي لافروف، إضافة إلى وزيري الدفاع والمالية، مع حرص الكرملين على تعميق الفجوة بين الولايات المتحدة وأوروبا والسعي لتخفيف العقوبات عن اقتصاد روسي قد يقترب من الركود. وقال ترمب عن الوفد الروسي: “لاحظت أنه يجلب الكثير من رجال الأعمال، وهذا أمر جيد، لأنهم يريدون ممارسة الأعمال.. لكنهم لن يفعلوا ذلك قبل إنهاء الحرب”.

على الجانب الآخر، يضم وفد ترمب وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك.

ومع ذلك يكمن الخطر بالنسبة لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين في أن يطرح بوتين مقترحات اقتصادية تغري ترمب أو يحوّل التركيز من الحرب إلى تحسين العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وموسكو، أو أن يدعو ترمب لزيارة روسيا، ما قد يضع زيلينسكي وحلفاءه أمام خيار صعب بين التهميش أو الذهاب إلى موسكو.

القمة تأتي امتداداً لاجتماع هلسنكي عام 2018 بين الزعيمين، وسلّطت الضوء على علاقة اتسمت أحياناً بعدم التوازن. في ذلك الوقت، أمضى الزعيمان وقتاً بمفردهما دون مساعدين.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عُقد في ختام القمة، أعلن ترمب علناً وقوفه إلى جانب بوتين ضد مسؤولي استخباراته، مما أثار إدانة من الحزبين لقوله إنه يصدق تأكيدات الزعيم الروسي بأن موسكو لم تتدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016.

شاركها.