بحلول ذكرى بيعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يمكن أن ترى حجم الإنجازات العميقة للمملكة وهي تسير بخطى متوازنة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، إذ تحولت، خلال الأعوام الماضية، إلى نقطة جذب للعالم الخارجي، نظراً للتحولات والإنجازات المذهلة التي باتت حديث دوائر القرار الغربي.

على المستوى السياسي، أصبحت المملكة لاعباً سياسياً ليس على المستوى الإقليمي، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك؛ نتيجة القراءات السياسية العميقة الحكيمة لكل ما يدور في هذا العالم، ويعود ذلك إلى المبادئ الناظمة للسياسة الخارجية السعودية.

فما زالت المملكة على الثوابت والمبدأ، التي بذل قادتها جهوداً من أجل أن تقوم وتصل إلى هذا المستوى، نجد أن الحصاد السعودي ضخم وعميق للغاية، إذ تتبوأ المملكة مواقع متقدمة على المستوى السياسي والاقتصادي، وتحظى بحضور لافت على المستويات الأخرى.

هذه المبادئ السياسة لم تمنع السعودية من خطوات التغيير والتحديث بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن السؤال، كيف أحسنت هذه الدولة قيادة دفة التغيير بكل ثقة واقتدار، وكيف باتت حاضرة على المسرح الدولي بشكل منقطع النظير، كيف يجري كل ذلك في ظل الحفاظ على الجوهر السعودي وبهذه السرعة؟.

الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالإرادة السياسية والرؤية الثاقبة للمستقبل، وكيف يمكن اتخاذ خطوات قوية وواثقة، فخلال الأعوام الماضية مرت السعودية بمحطات حاسمة وفق رؤية 2030، التي حولت السعوديين عموماً إلى عقليات من نوع جديد تؤمن بالتغيير الإيجابي والبناء لهذا الوطن.. إحدى ركائز الشرق الأوسط وثوابت استقراره.

تدرك السعودية أن النجاح السياسي يكمن في توازن العلاقات الدولية والتنوع، وهو ما يتطلب علاقات وطيدة مع كل الدول الفاعلة في العالم، لذا لم تعتمد السعودية على العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة، أو مع دول الاتحاد الأوروبي وحديثاً الصين والقارة الإفريقية، كل هذه المراوحة الواسعة من العلاقات الدولية تشكل الاتجاه السياسي الجديد الذي يقوم على التنوع وحسن العلاقات مع المنظومة الدولية.

من منطلق دورها السياسي في العالم العربي والإسلامي، عملت السعودية على تعزيز المصالحات السياسية بين الفرقاء المتنازعين في العالمين العربي والإسلامي، ولعل الدور السعودي في باكستان عام 2000 جنّب البلاد المواجهة بين الأفرقاء السياسيين، وكانت أصابع السعودية واضحة.

وعلى المستوى العربي، لا يزال حبر اتفاق الطائف الذي أنهى عقدين ونيفاً من الحرب الأهلية اللبنانية، شاهداً على الدور السعودي في دعم الاستقرار في المنطقة، خصوصاً أن هذا الاتفاق لا يزال عقيدة سياسية في لبنان، ويحظى برضى جميع الأطراف اللبنانية.. وتحت ظل هذا الاتفاق تسير الحياة السياسية اللبنانية.

القضية الفلسطينية؛ هي الملف الأكثر حضوراً في الدبلوماسية السعودية في المحافل الدولية، إذ تعتبر المملكة هذا الملف أولويتها من منطلق إسلامي وعروبي، ومن واجبها حيال قضايا الحق، ولعل الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية تثبت مصداقية وبعد النظرة السياسية السعودية لشرق أوسط آمن خالٍ من العنف وقادر على العيش بأمان.

قدمت المملكة العديد من المبادرات السياسية حول القضية الفلسطينية، منها مبادرة السلام التي أصبحت نقطة توافق لدى كل القوى العالمية، فضلاً عن أدوار سياسية إيجابية لعبتها السعودية في أكثر من دولة عربية.

قوة الدبلوماسية الحقيقية للمملكة في التأثير على المسرح الدولي، إذ كان لقاء وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في الرياض، حيث شكل هذا اللقاء انفراجة بين البلدين للمرة الأولى منذ الحرب الروسية في أوكرانيا.

هذا النسق مع العلاقات الدولية التي تعمل السعودية على تطويره يوماً بعد يوم في الشرق والغرب، يشير إلى أن ثمة رؤية وطموحاً كبيرين لدى قيادة المملكة، ولعل الأمير محمد بن سلمان الذي أشغل الدنيا بأفكاره وتطلعاته لنهضة السعودية هو الشاب القادر على إدارة هذه المرحلة إلى عام 2030، حيث إن السعوديين والعالم على موعد مع تاريخ جديد.

شاركها.