يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطًا متزايدة مع تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، وتصاعد المخاوف بشأن حالته الصحية، وذلك بالتزامن مع إصراره على تصوير الاقتصاد الأميركي على أنه مزدهر وقوي. هذه التطورات تعيد إلى الواجهة الانتقادات التي كان يوجهها ترامب لمنافسه، الرئيس السابق جو بايدن، بشأن قدرته على قيادة البلاد. وتأتي هذه الضغوط في وقت حرج مع اقتراب الانتخابات النصفية.
وفي تجمع انتخابي أقيم في ولاية بنسلفانيا يوم الثلاثاء الماضي، كرر ترامب اتهاماته لسلفه جو بايدن، واصفًا إياه بأنه “نائم” ومُتهمًا إدارته بالتسبب في أزمة اقتصادية. بالمقابل، يروج ترامب لفترة ولايته على أنها “عصر ذهبي” للاقتصاد الأميركي، على الرغم من المؤشرات الاقتصادية المتضاربة. الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة هو محور نقاش رئيسي في هذه الانتخابات.
تراجع شعبية ترامب وتحديات الاقتصاد
على الرغم من تصريحات ترامب المتفائلة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن ثقة الأميركيين في سياساته الاقتصادية محدودة. فقد أظهر استطلاع حديث لجامعة شيكاغو، بالتعاون مع وكالة أسوشيتد برس، أن حوالي 31% فقط من المواطنين يعبرون عن رضاهم عن الأداء الاقتصادي لإدارة ترامب. هذا التباين بين الخطاب الرسمي وشعور المواطنين يثير تساؤلات حول تأثيره على فرص ترامب في الانتخابات القادمة.
ارتفاع الأسعار وتأثيرها على المستهلكين
يرتبط تراجع الثقة الشعبية بارتفاع الأسعار وتزايد تكاليف المعيشة، وهو ما يواجهه الكثير من الأسر الأميركية. على الرغم من محاولات ترامب التقليل من شأن هذه المشكلة، إلا أنها تظل مصدر قلق كبير للمواطنين. يرى المحللون أن ارتفاع الأسعار قد يدفع الناخبين إلى البحث عن بدائل سياسية.
أليكس كينا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة “فرجينيا كومنولث”، يوضح أن “هناك قاعدة من أنصار ترامب ستدعمه بغض النظر عن الظروف، لكن الغالبية العظمى من الناخبين تتأثر بشكل مباشر بالواقع الاقتصادي الذي يعيشونه”. ويضيف أن هذه الفجوة بين التصريحات والواقع قد تؤثر سلبًا على حظوظ ترامب في استعادة الزخم الانتخابي.
في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، أعرب ترامب عن “عدم يقين” بشأن قدرة الحزب الجمهوري على الاحتفاظ بأغلبية المقاعد في مجلس النواب في الانتخابات النصفية المقبلة. وأشار إلى أن الآثار الإيجابية لسياساته الاقتصادية لم تظهر بشكل كامل بعد، وأن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لرؤية النتائج الملموسة. الانتخابات النصفية تمثل اختبارًا حقيقيًا لشعبية ترامب.
وقد اتخذ ترامب بالفعل بعض الإجراءات في محاولة لتخفيف الضغوط الاقتصادية على الأسر الأميركية، مثل خفض الرسوم الجمركية على أكثر من 200 سلعة غذائية الشهر الماضي. ومع ذلك، لم يكشف عن أي خطط إضافية لخفض الرسوم الجمركية أو اتخاذ تدابير اقتصادية أخرى. هذه الخطوات تعتبر محدودة وغير كافية لمعالجة المشاكل الاقتصادية الهيكلية.
إضافة إلى التحديات الاقتصادية، يواجه ترامب انتقادات متزايدة بشأن صحته. صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرته وهو يستخدم عكازًا، كما ظهرت كدمة على يده، مما أثار تكهنات حول حالته الصحية. البيت الأبيض نفى هذه التكهنات، مؤكدًا أن الإصابة كانت نتيجة لكثرة المصافحات. الوضع الصحي للرئيس يثير قلقًا لدى بعض الناخبين.
وتذكر هذه الشائعات بالهجمات التي شنها ترامب سابقًا على الرئيس بايدن بسبب تقدمه في السن. في الوقت الحالي، أصبح ترامب نفسه أكبر رئيس منتخب في تاريخ الولايات المتحدة، مما يجعل صحته موضوعًا حساسًا ومثيرًا للجدل. التركيز على صحة المرشحين أصبح جزءًا أساسيًا من الحملات الانتخابية.
مع استعداده لبدء حملات دعم مرشحي الحزب الجمهوري في بداية العام المقبل، يواصل ترامب الدفاع عن سياساته الاقتصادية، معتبرًا أن خفض الضرائب والرسوم الجمركية سيعزز القدرة الشرائية للأسر الأميركية. ومع ذلك، لا يزال الجدل قائمًا حول فعالية هذه الإجراءات وقدرتها على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام. الجدل حول السياسات الاقتصادية سيستمر حتى الانتخابات.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة تصاعدًا في حدة الحملات الانتخابية، مع تركيز كبير على القضايا الاقتصادية والصحية. سيكون من المهم مراقبة تطورات استطلاعات الرأي، وردود فعل المواطنين على سياسات ترامب، وأي تطورات جديدة تتعلق بصحته. النتائج النهائية للانتخابات النصفية ستكون مؤشرًا هامًا على مستقبل ترامب السياسي ومسار الاقتصاد الأميركي.






