قال تقرير اقتصادي: إن الأسواق لم تكن مستعدة لأخذ تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا والصين على محمل الجد قبل عطلة نهاية الأسبوع.
وأضاف التقرير أن ترامب نفذ ما وعد به تماماً، فيما يتعين على الأسواق إجراء تعديلات كبيرة للتكيف مع هذا الواقع الجديد.

تعريفات ترامب الجمركية

فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية بنسبة 25%، وهو ما كان قد هدد به سابقاً في الأول من فبراير، وذلك بعد فترة وجيزة من ترشيحه في 20 يناير.
وفشلت الأسواق في التعامل مع هذه التهديدات بجدية حتى إغلاق التداول يوم الجمعة الماضي، ربما بسبب سجل ترامب السابق خلال ولايته الأولى، إذ أطلق العديد من التهديدات بفرض رسوم جمركية دون تنفيذها، أو ربما بسبب تراجعه مؤخراً عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كولومبيا.
وبحسب التقرير، فإن تلك المرة أوفى ترامب بوعوده، ويتعين على الأسواق الآن التأقلم سريعاً مع هذا الواقع الجديد والمخاطر الناجمة عن ردود الفعل المحتملة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إذ بدأ بعضهم بالفعل باتخاذ تدابير مضادة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأوضح التقرير أن إدارة ترامب اشتكت من عدم بذل المكسيك وكندا جهوداً كافية لمنع الهجرة غير الشرعية وتدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، كما تم تحميل الصين مسؤولية تدفق مادة الفنتانيل إلى البلاد، مما تسبب في فرض الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا والصين.

حيز التنفيذ

ودخلت هذه الرسوم حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء، فيما ستفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على معظم الواردات من كندا، باستثناء النفط الخام والموارد الطاقوية الأخرى، إذ ستُفرض عليها رسوم بنسبة 10% فقط.
وستفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على جميع الواردات من المكسيك، بينما سيتم فرض رسوم إضافية بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية، مع إلغاء استثناء “الحد الأدنى المعفى” البالغ 800 دولار، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على تجار التجزئة في التجارة الإلكترونية الذين يعتمدون على المنتجات الصينية، مثل منصة تيمو، ومتاجر صينية أخرى، وحتى أمازون. كان هذا الاستثناء يسمح بإعفاء عشرات المليارات من الدولارات من الواردات الصينية من أي رسوم جمركية.
وردت كندا بإجراءات واسعة، إذ فرضت رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات أمريكية بقيمة 105 مليارات دولار، بدءاً من رسوم على واردات بقيمة 20 مليار دولار تشمل الكحول والقهوة والملابس والأثاث والأجهزة المنزلية، يليها فرض رسوم على 85 مليار دولار أخرى تشمل السيارات والشاحنات والمنتجات الزراعية والصلب والألمنيوم ومنتجات الطيران.
وأعلنت المكسيك أنها سترد بإجراءات جمركية وغير جمركية، ولكن دون الكشف عن التفاصيل بعد، فيما نددت الصين بزيادة الرسوم الجمركية، معتبرة أنها تنتهك قواعد التجارة الدولية، وأعلنت أنها ستطعن في القرار أمام منظمة التجارة العالمية، إلى جانب اتخاذ “تدابير مضادة” لم يتم تحديدها بعد.
وصرّح ترامب أيضاً خلال عطلة نهاية الأسبوع بأنه “بالتأكيد” سيفرض رسوماً على الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنه “سنقوم باتخاذ إجراءات كبيرة تجاه الاتحاد الأوروبي، وسنصل بالمستوى إلى حيث يجب أن يكون.”

رد فعل السوق

جاء رد فعل الأسواق سلبياً للغاية، إذ لم تأخذ تهديدات ترامب على محمل الجد حتى تنفيذها. ويعتقد كثيرون أن هذه الرسوم قد تُلغى في أي لحظة إذا شعر ترامب بأنه حقق هدفه من الضغط على الشركاء التجاريين.
من جانبها، أشارت مجموعة جولدمان ساكس إلى أنها تتوقع أن تكون الرسوم المفروضة على المكسيك وكندا قصيرة الأجل ومدى استمرار التأثير السلبي في الأسواق، والذي قد يؤدي إلى تصحيح كبير بنسبة عدة نقاط مئوية في أسواق الأسهم، يعتمد على ما إذا كانت هذه الرسوم ستُلغى بسرعة نتيجة التوصل إلى اتفاق، أم أن الأمر سيتطور إلى تصعيد متبادل قد يفضي إلى حرب تجارية شاملة.

ارتفاع الدولار

وارتفع اليوم الدولار الأمريكي بنحو 1.5% مقابل الدولار الكندي منذ إغلاق الجمعة، فيما ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 1.5% مقابل اليورو.
ويتوقع أن يشهد البيزو المكسيكي انخفاضاً حاداً عند الافتتاح، فيما ارتفع الين الياباني أمام الدولار الأمريكي، مما يشير إلى زيادة الطلب عليه كملاذ آمن.
ويجدر مراقبة اليوان الصيني عن كثب، خاصة مع إشارات إلى تدخل السلطات للحفاظ على مستوى 7.375 للدولار/اليوان الخارجي، والذي تم اختباره مرتين خلال السنوات الأخيرة.

توقعات الأسهم

ومن المتوقع أن تبدأ الأسواق تداولاتها بهبوط حاد. أول سوق يفتتح هو نيوزيلندا في الساعة 21:00 بتوقيت غرينتش يوم الأحد، يليه سوق سيدني الأسترالي في 23:15، ثم بورصة طوكيو في منتصف الليل.

سندات الخزانة الأمريكية

ويتوقع البعض أن تتعرض سندات الخزانة الأمريكية لضغوط، حيث يُنظر إلى الرسوم الجمركية على أنها تضخمية وتؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، مما يزيد من العجز الأمريكي الكبير بالفعل. ومع ذلك، فإن سندات الخزانة تُعد ملاذاً آمناً خلال الأزمات، لذا يجب متابعة رد الفعل الأولي بعناية.

العملات الرقمية

وسجلت العملات المشفرة خسائر حادة خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذ كانت الأصول الوحيدة التي يتم تداولها عندما كانت الأسواق التقليدية مغلقة. انخفضت عملة البيتكوين بأكثر من 3% وقت كتابة التقرير.

ماذا بعد؟

ويركز التقرير، على ردود الفعل الأولية، ولكن هناك العديد من العوامل التي يجب متابعتها في الأيام والأسابيع المقبلة.
وأوضح التقرير، إذا استمرت هذه الرسوم والتدابير المضادة من الشركاء التجاريين، فإننا بصدد دخول حرب تجارية بكل تبعاتها على النمو الاقتصادي والأسعار وسلاسل التوريد والشركات.

الخطر الأكبر

وأضاف أن الخطر الأكبر على المدى الطويل يتمثل في الركود التضخمي: ضعف النمو الاقتصادي مع ارتفاع التضخم. ومن النقاط المهمة في الوقت الراهن:
وأفاد التقرير بأن الشركات المتضررة مباشرة بسبب الإنتاج في كندا والمكسيك، مثل شركات السيارات فورد وجنرال موتورز، التي تنتج بين 15-20% و30-40% من سياراتها هناك على التوالي.
ومن المتوقع أن تتأثر الشركات الأوروبية مثل فولكس فاجن، التي تمتلك مصنعاً كبيراً في المكسيك، بشكل كبير إذا فرض ترامب رسوماً على الاتحاد الأوروبي.
وتشهد كندا دعوات واسعة لمقاطعة المنتجات الأمريكية، حيث تم استهداف تسلا وأمازون بشكل خاص. كما طلبت الحكومات المحلية من متاجر الكحول إزالة المنتجات الأمريكية من رفوفها.
وبحسب التقرير، تواجه تسلا مخاطر إضافية في الصين وأوروبا، حيث يتعرض اسمها بالفعل لضغوط، كما يتضح من انخفاض مبيعات موديل Y في الدنمارك بنسبة 50% منذ الصيف الماضي.
وأوضح التقرير الصادر عن “ساكسو بنك” أن إذا استمرت هذه التطورات، فإن الأسواق العالمية مقبلة على مرحلة من عدم الاستقرار والتقلبات العنيفة.

شاركها.