انتشرت الاحتجاجات في إيران على نطاق واسع يوم الثلاثاء، بعد أن أعرب الرئيس دونالد ترامب ومسؤولون آخرون في إدارته عن دعمهم للمتظاهرين. وأشار ترامب، في خطاب له يوم الاثنين، إلى الانهيار الاقتصادي الإيراني والاستياء العام المتزايد، مع تجنب الدعوة إلى تغيير النظام. وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتدهور الأوضاع المعيشية.

تصاعد الاحتجاجات في إيران وتوسع نطاقها

دخلت المظاهرات في إيران يومها الثالث على التوالي، وامتدت لتشمل مناطق أبعد من مركز العاصمة التجاري. أفادت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (NCRI) المعارضة في المنفى عن إضرابات واسعة النطاق واحتجاجات طلابية في طهران ومدن إقليمية متعددة، ووصفت اشتباكات مع قوات الأمن وهتافات مناهضة للحكومة. وقد نشرت المنظمة مقطع فيديو يظهر متظاهرين يدفعون قوات الأمن، مما أجبرهم على الانسحاب في شارع الجمهورية بطهران.

مراكز الاحتجاج الرئيسية

أصبحت الجامعات مراكز رئيسية للاحتجاجات، حيث شهدت جامعات طهران، وجامعة شريف للتكنولوجيا، وجامعة الشهيد بهشتي، وجامعة علم وصنعة، وجامعة خواجة نصير الدين التكنولوجية، مسيرات حاشدة. وقامت قوات الأمن بتشديد الرقابة على مداخل الحرم الجامعية وتعزيز المكاتب المرتبطة بالمرشد الأعلى علي خامنئي. بالإضافة إلى ذلك، انتشرت الاحتجاجات إلى أسواق رئيسية مثل سوق طهران الكبير وسوق الذهب، وشهدت مناطق شوش وملاوي في طهران إضرابات مماثلة.

تحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف في عدة مواقع، حيث أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع في طهران ومالارد، ووردت أنباء عن إطلاق نار حي في همدان. ووقعت مظاهرات ليلية في جزيرة قشم جنوبًا وزنجان وهمدان شمالًا، مع ترديد هتافات “الموت للديكتاتور”.

ردود الفعل الدولية والمحلية

أكد الرئيس ترامب، في مؤتمر صحفي في مارالاغو يوم الاثنين، أنه “لن يتحدث عن الإطاحة بنظام”، بل ركز على تدهور الاقتصاد الإيراني واستجابة الدولة العنيفة للاحتجاجات. وأشار إلى أن إيران تعاني من تضخم هائل واقتصاد مفلس. وأضاف أن الحكومة الإيرانية تستخدم القوة المميتة لقمع أي محاولة للاحتجاج أو التجمع.

وصرح السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، عبر منصة X: “الشعب الإيراني يريد الحرية”. وأضاف: “نقف مع الإيرانيين في شوارع طهران وفي جميع أنحاء البلاد وهم يحتجون على نظام متطرف لم يجلب لهم سوى الركود الاقتصادي والحرب”. كما نشر الحساب الرسمي للحكومة الأمريكية باللغة الفارسية (@USAbehFarsi) بيانًا يؤكد دعم واشنطن لجهود الشعب الإيراني “لإيصال أصواتهم”، داعيًا الجمهورية الإسلامية إلى احترام الحقوق الأساسية بدلاً من قمع الاحتجاجات.

في المقابل، اعترف المسؤولون الإيرانيون بالاضطرابات لكنهم دافعوا عن نهج الحكومة. وذكرت وكالة رويترز أن المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة محمدياني، قالت إن طهران تعترف بالاحتجاجات وأن المسؤولين سيؤسسون آلية للتفاعل مع قادة الاحتجاج. كما وجه الرئيس الإيراني، مسعود بيزشكيان، وزير الداخلية إلى معالجة “المطالب المشروعة” للمتظاهرين والانخراط في حوار مع ممثليهم.

الوضع الاقتصادي والتحليل المستقل

حذر المحللون المستقلون من أن الاضطرابات تعكس ضغوطًا هيكلية أعمق. وأشارت مجموعة أبحاث OSINT، SpecialEurasia، في تقييم لها يوم الثلاثاء إلى أن الاستقرار الداخلي لإيران قد وصل إلى “عتبة حرجة”، مشيرة إلى تضافر انهيار العملة، والعقوبات الدولية المتجددة، ونقص المياه والطاقة المزمن. وأوضحت المجموعة أن مشاركة تجار البازار، الذين كانوا تقليديًا دعامة لدعم النظام، تشير إلى تراجع الثقة في الإدارة الاقتصادية للدولة وتزيد من خطر استمرار الاضطرابات.

وقالت مريم رجوي، زعيمة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، إن الاحتجاجات تعكس غضب “عشرات الملايين” الذين وصلوا إلى نقطة الانهيار بسبب التضخم والفساد والحكم الكهنوتي.

نظرة مستقبلية

مع استمرار الاحتجاجات في إيران، يظل التحقق من عدد الضحايا والاعتقالات محدودًا، لكن حجم الانتشار والمدى الواسع للاضطرابات يؤكد الضغوط المتزايدة على القيادة الإيرانية في ظل الانهيار الاقتصادي والتحدي العام المتزايد. من المتوقع أن تواصل الحكومة الإيرانية جهودها لاحتواء الاحتجاجات، بينما يراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب. من المهم متابعة تطورات سعر صرف العملة الإيرانية، واستجابة الحكومة للمطالب الشعبية، وأي تغييرات في السياسات الداخلية والخارجية لإيران.

شاركها.