بعد نسخة استثنائية من كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022، يقترب موعد النسخة التالية في عام 2026، والتي تحمل في طياتها عوامل جذب كبيرة، بالإضافة إلى بعض التحديات والجدل المحتمل، وعلى رأسها شخصية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ستكون هذه النسخة الأكبر في تاريخ البطولة، بمشاركة 48 دولة موزعة على 12 مجموعة، تستضيفها كندا والمكسيك والولايات المتحدة في الفترة من 11 يونيو إلى 19 يوليو من العام المقبل.

توسع تاريخي في المشاركة والاستضافة لكأس العالم

شهدت بطولة كأس العالم تطوراً ملحوظاً في عدد المشاركين منذ النسخة الأولى في الأوروغواي عام 1930، والتي اقتصرت على 13 فريقاً. ثم ارتفع العدد إلى 16 فريقاً في مونديال إيطاليا 1934، وتوقف لفترة بسبب الحرب العالمية الثانية، قبل أن يستقر عند 16 فريقاً مرة أخرى في مونديال سويسرا 1954. لاحقاً، زاد العدد إلى 24 فريقاً في مونديال إسبانيا 1982، ثم إلى 32 فريقاً في مونديال فرنسا 1998. الآن، نشهد قفزة نوعية بمشاركة 48 دولة.

بالتوازي مع زيادة عدد المشاركين، تشهد الاستضافة أيضاً تطوراً تاريخياً. فبعد أن اقتصرت الاستضافة على دولة واحدة، بدأت مشاركة مشتركة في مونديال 2002 بين كوريا الجنوبية واليابان. وستشهد النسخة المقبلة رقماً قياسياً باستضافة ثلاث دول، هي كندا والولايات المتحدة والمكسيك. تستضيف كندا البطولة للمرة الأولى، بينما استضافت الولايات المتحدة البطولة عام 1994، واستضافتها المكسيك مرتين في عامي 1970 و 1986.

مشاركة عربية قياسية في كأس العالم 2026

من المتوقع أن تشهد بطولة كأس العالم 2026 مشاركة قياسية من المنتخبات العربية، حيث تأهلت سبعة منتخبات حتى الآن وهي: قطر والسعودية والأردن ومصر وتونس والجزائر والمغرب. هناك فرصة لزيادة هذا العدد إلى ثمانية منتخبات في حال نجح منتخب العراق في تجاوز التصفيات النهائية.

جدل محتمل حول دور الرئيس ترامب في البطولة

تثير شخصية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعض القلق والجدل حول تنظيم البطولة. وصفته وكالة الصحافة الفرنسية بأن تنظيم كأس العالم يصبح أكثر تعقيداً عندما يكون ترامب هو المضيف. ويرجع ذلك إلى سياساته المثيرة للجدل، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة.

سياسات الهجرة وتأثيرها على البطولة

يتوقع تدفق مئات الآلاف من المشجعين الأجانب إلى الدول المضيفة، وخاصة الولايات المتحدة التي تستضيف 82 مباراة من أصل 104. لكن هذا التدفق يواجه تحديات بسبب سياسات مكافحة الهجرة التي يتبناها ترامب، والتي تتسم بمداهمات وترحيلات واسعة النطاق. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، يشن ترامب حملة مكثفة ضد الهجرة، بما في ذلك ترحيل المهاجرين ومحاولة إلغاء قانون منح الجنسية للمولودين على الأراضي الأميركية.

على الرغم من أن المهاجرين يساهمون بشكل كبير في الاقتصاد الأميركي من خلال دفع الضرائب وتوفير القوة الشرائية، إلا أن ترامب يواصل تشديد سياساته ضدهم. ويخشى مراقبون أن تتحول مباريات كأس العالم إلى فخ للمهاجرين، حيث قد تستغل سلطات الهجرة الحدث للقبض عليهم. وقد صرحت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم سابقاً بأن وجود مغني لاتيني في حفل نهائي مسابقة كرة القدم الأميركية قد يدفع وكالة الهجرة لإرسال عناصرها إلى موقع الحدث.

توتر العلاقات مع الدول المضيفة الأخرى

بالإضافة إلى قضايا الهجرة، أثار ترامب توتراً في العلاقات مع كندا والمكسيك، الدولتين الأخريين المضيفتين للبطولة. فقد فرض رسوماً جمركية باهظة على بعض المنتجات القادمة من هاتين الدولتين، ووصل إلى حد التهديد بضم كندا وشن غارات جوية على المكسيك. هذه التصريحات تثير قلقاً بشأن الأجواء العامة للبطولة وتأثيرها على المشجعين واللاعبين.

وفي تطور لافت، منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الرئيس ترامب جائزة فيفا للسلام، وهو ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت أن الجائزة مُنحت دون إجراءات شفافة.

مع اقتراب موعد انطلاق بطولة كأس العالم 2026، يترقب المراقبون تطورات الوضع السياسي في الولايات المتحدة وتأثيره على تنظيم البطولة. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيداً من الجدل والتوتر، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة والأمن. وستكون مهمة فيفا صعبة في الحفاظ على أجواء احتفالية وإيجابية للبطولة في ظل هذه التحديات.

شاركها.