شهدت الأسواق العالمية تراجعًا طفيفًا في ختام تداولات عام 2025، مما قلص جزءًا من المكاسب المحققة على مدار العام، ولكنها حافظت على مسارها لتسجيل ثالث مكسب سنوي متتالي. وتأثرت الأسهم الآسيوية بشكل خاص بهذا التراجع، حيث انخفضت بشكل طفيف يوم الأربعاء، في حين تراجعت العقود الآجلة لمؤشرات “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” بنسبة 0.1% لكل منهما في التداولات الآسيوية. هذا الانخفاض يأتي في أعقاب تراجع مماثل في المؤشرات الرئيسية في نيويورك يوم الثلاثاء، مما يعكس حالة من الحذر قبيل نهاية العام.
كانت التداولات هادئة نسبياً بسبب إغلاق العديد من الأسواق بمناسبة نهاية العام، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية. وشهدت المعادن تحركات متباينة، حيث انخفضت أسعار الفضة بشكل حاد بنسبة 5.5%، في حين ارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف. ويهتم المستثمرون عن كثب بـالأسهم العالمية وتقييمات المخاطر المحتملة في بداية العام الجديد.
أداء قوي للأسهم العالمية في 2025
على الرغم من التراجع الطفيف في نهاية العام، لا يزال مؤشر “إم إس سي آي لجميع دول العالم” – وهو مقياس واسع لأداء سوق الأسهم – مرتفعًا بنسبة 21% خلال عام 2025. ويعزى هذا الارتفاع بشكل كبير إلى قرارات البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى الاهتمام المتزايد بشركات الذكاء الاصطناعي.
تألقت الفضة بشكل خاص، محققة قفزة هائلة بلغت 150%، متفوقة على معظم الأصول الأخرى. كما أن الأسهم الآسيوية في طريقها لتحقيق أفضل أداء سنوي لها منذ عام 2017. وقد استفادت هذه الأسواق من التعافي الاقتصادي في المنطقة وزيادة الطلب على السلع والخدمات.
شهدت المعادن الثمينة عامًا قويًا بشكل عام، مع توقعات بتحقيق الذهب والفضة أفضل مكاسب سنوية لهما منذ عام 1979. في المقابل، من المتوقع أن تسجل عملة البيتكوين ثاني انخفاض سنوي لها في أربع سنوات، مما يعكس تقلبات سوق العملات المشفرة. كما انخفض مؤشر “بلومبرغ” الفوري للدولار بنسبة 8.1% هذا العام، وهو أكبر انخفاض منذ عام 2017.
تحديات وفرص تواجه المستثمرين مع بداية 2026
ارتفعت الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية جديدة خلال عام 2025، مدفوعة بالتفاؤل حيال النمو الاقتصادي وأرباح الشركات وتيسير السياسة النقدية. وقد ساهمت هذه العوامل في تعافي الأسواق من التراجع الذي شهدته في أبريل بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
لكن مع اقتراب عام 2026، يواجه المستثمرون عددًا من التحديات، بما في ذلك تقييمات الأصول المرتفعة والتباينات المتزايدة بين صانعي السياسات حول مدى الحاجة إلى مزيد من التيسير النقدي. وقد انعكست هذه الخلافات في محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر ديسمبر الذي نُشر يوم الثلاثاء.
وفقًا لكاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في “إكس تي بي”، فإن “السمة الغالبة هي أن مؤشرات الأسهم العالمية فقدت زخمها مع اقتراب نهاية العام”. وأضافت أن “هناك عدة أسباب لذلك، منها تحقيق عوائد جيدة خلال عام 2025، وانتظار المستثمرين لما بعد عطلة عيد الميلاد قبل اتخاذ قرارات تداول كبيرة”.
مخاطر تقلبات الأسواق
خلال هذا العام، قام المستثمرون بمراهنات كبيرة على تحولات سياسية وميزانيات متضخمة وتوقعات غير مؤكدة، مما أدى إلى ارتفاعات حادة في أسعار الأسهم وصفقات ذات عائد مرتفع. ومع ذلك، لم تنجح جميع هذه الاستراتيجيات، حيث تسببت التقلبات في الأسواق في خسائر لبعض المستثمرين.
وقد أدت عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض إلى حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية العالمية، قبل أن تشهد انتعاشًا مجددًا. كما ساهمت المخاوف الجيوسياسية في زيادة الطلب على أسهم شركات الدفاع الأوروبية، وشجعت المضاربين على القيام بمزيد من الصفقات.
صرح بريندان فاغان، استراتيجي الاقتصاد الكلي في “بلومبرغ ماركتس لايف”، بأن “ديناميكيات السوق تتشكل بفعل الانقسام بدلاً من التوجه الواضح مع اقتراب نهاية العام، مما يحد من شهية المخاطرة على الهامش، حتى مع استمرار المرونة الأساسية في توفير بيئة داعمة لأسهم الشركات الأمريكية”.
تطورات في أسواق النفط والعملات
في الأسواق الأخرى، من المتوقع أن يسجل النفط أعمق خسارة سنوية له منذ جائحة كورونا عام 2020، بسبب المخاوف من فائض في المعروض قد يؤثر على الأسعار في بداية العام الجديد. في المقابل، شهد اليوان الصيني ارتفاعًا ملحوظًا في السوق المحلية، متجاوزًا مستوى 7 يوانات للدولار يوم الثلاثاء للمرة الأولى منذ عام 2023.
على الرغم من هذه التحديات، لا يزال لدى المستثمرين سبب للتفاؤل مع دخول العام الجديد. فقد أظهرت بيانات جمعتها “بلومبرغ” أن مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم العالمية ارتفع بمتوسط 1.4% في شهر يناير خلال السنوات العشر الماضية، وحقق مكاسب في ست من تلك السنوات.
اختتم كايل رودا، كبير المحللين في “كابيتال دوت كوم”، العام بالقول إن “وول ستريت تختتم العام بوتيرة هادئة، منهية عامًا جيدًا للأسهم، وإن كان قد تخللته لحظة أو اثنتان من القلق”. وأضاف أن “الأسواق تتوقع مجموعة من الظروف المثالية تقريبًا في العام المقبل”.
مع نهاية عام 2025، ينصب تركيز المستثمرين على البيانات الاقتصادية الواردة من الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة. من المتوقع أن تشهد الأسابيع القليلة القادمة مزيدًا من التقلبات في الأسواق، حيث يحاول المستثمرون تحديد المسار الذي ستسلكه الأسهم العالمية في عام 2026. ويتعين مراقبة التوترات الجيوسياسية وتأثيرها المحتمل على أسعار النفط وأسواق الأسهم.




