انتهت على الأغلب أسوأ مرحلة بالنسبة للبنوك المركزية في آسيا التي كثّفت جهودها للدفاع عن العملات المحلية، بعد أن أدى انتعاش الدولار وفرض رسوم جمركية أميركية جديدة إلى زيادة الضغوط في أنحاء المنطقة.
يتجه مؤشر لعملات آسيا نحو تحقيق أفضل أسبوع له منذ يونيو، بعدما أعادت بيانات التوظيف الأميركية الضعيفة إشعال التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي. ويقول “يو بي إس” (UBS Group AG)، إن التوقعات السلبية للدولار “عادت إلى الواجهة” وسط مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد.
تدخل البنوك المركزية لدعم العملات
يشكل هذا التحوّل انفراجة مرحّب بها لصنّاع السياسات الذين اضطرّوا للعودة إلى نهج التدخل بعد أن أعلن الرئيس، دونالد ترمب، عن رسوم جمركية جديدة على الواردات، ما أثار تراجعات حادّة في عملات المنطقة. ومع اقتراب مؤشر الدولار الأميركي من تسجيل انخفاض أسبوعي، قد لا يكون المستثمرون قد سعّروا بعد التأثير الكامل للبيانات الاقتصادية الضعيفة والتوقعات باتباع الفيدرالي نهجاً أكثر ميلاً إلى التيسير.
قال أليكس لو، استراتيجي الاقتصاد الكلي في “تورنتو دومينيون بنك” (Toronto-Dominion Bank) في سنغافورة، إن التدخل كان على الأرجح “تدخلاً لمرة واحدة”.
وأضاف: “قد تؤدي بيانات النشاط الاقتصادي الأميركي الأضعف خلال الأسابيع المقبلة إلى تشجيع المتشائمين بشأن الدولار الأميركي على العودة للسوق، ما من شأنه أن يُخفف الضغط عن البنوك المركزية الآسيوية للدفاع عن الارتفاع الأحدث في أزواج الدولار مقابل عملات آسيا”.
إقرأ المزيد: انتعاش الدولار يدفع صناديق الأسواق الناشئة لتعديل رهاناتها
مع ذلك، لا يزال المتداولون في حالة ترقّب، بعدما ضاعف ترمب الرسوم الجمركية على الهند إلى 50% من خلال ما يُعرف بالرسوم الثانوية، مشيراً إلى مشترياتها من النفط الروسي. وقد تؤدي أسعار النفط المرتفعة واضطرابات سلاسل الإمداد المتجددة إلى تأجيج الضغوط التضخمية في أنحاء المنطقة، وقد تدفع بعض البنوك المركزية إلى تأجيل خفض أسعار الفائدة أو التدخل في أسواق العملات لضبط أسعار الصرف.
قلق متواصل في الأسواق
قال مينغزي وو، متداول العملات في “ستون إكس” (StoneX) في سنغافورة: “الجميع الآن قلق بشأن موعد الصدمة التالية”، موضحاً أن التدخل على الأرجح يهدف فقط إلى استقرار الأسواق. وتابع: “بمجرد أن تهدأ تحركات ترمب، ستشعر البنوك المركزية بالارتياح كذلك”.
أدى تعافي الدولار في أواخر يوليو إلى دفع عملات آسيا نحو أدنى مستوياتها منذ عدة أشهر، ما عقد جهود البنوك المركزية الإقليمية للحفاظ على الاستقرار. ومع توجه المستثمرين نحو الأصول الأميركية الأكثر أماناً، أثار احتمال خروج رؤوس الأموال قلق صنّاع السياسات من الهند إلى إندونيسيا، مما زاد من مخاطر التضخم وتقلبات الأسواق.
تدخل بنك إندونيسيا من أجل استقرار الروبية، في حين استأنفت سلطة النقد في هونغ كونغ شراء الدولارات المحلية للدفاع عن ربط العملة. وأبقى البنك المركزي في الهند أسعار الفائدة دون تغيير يوم الأربعاء، بعد أيام من دعم بنوك حكومية للروبية. كما تعهّد البنك المركزي الفلبيني بتكثيف التدخل خلال فترات ضعف البيزو للسيطرة على التضخم.
خفض متوقع للفائدة الأميركية
مع تسعير أسواق المال الآن لاحتمال خفض أسعار الفائدة الأميركية الشهر المقبل، وتعيين ترمب للخبير النقدي “الذي يميل إلى خفض الفائدة” ستيفن ميران في كمحافظ بمجلس الفيدرالي، قد يتراجع الدولار، ما يمنح العملات الإقليمية بعض المجال للتنفس.
قال هومين لي، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في “لومبارد أودييه” (Lombard Odier) في سنغافورة: “لا نعتقد أن هذه القرارات أو الرسائل المتفرقة من بنك الاحتياطي الهندي، وبنك إندونيسيا، وبنك الفلبين المركزي تشير إلى تحول على مستوى المنطقة نحو الدفاع عن العملات”.
واختتم: “قد يؤدي أي ارتفاع كبير في الدولار إلى تدخلات أكثر تواتراً، لكن هذا ليس السيناريو الأساسي لدينا”.