يتزايد القلق الدولي بشأن خطط إسرائيلية طويلة الأمد والتي تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية في الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين. وتشير التقارير إلى أن هذه الخطط، المعروفة بـ “خطة الحسم” (خطة التصفية)، قد عادت للظهور بقوة في أجندة الحكومة الإسرائيلية الحالية، وتثير تساؤلات حول مستقبل القضية الفلسطينية وسلامة المدنيين.

وقد صرح الكاتب الصحفي عماد الدين حسين بأن الهدف الجوهري لهذه الخطة هو تصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير الفلسطينيين، مؤكدًا أن هذه الخطة ليست جديدة بل ظهرت في الأوساط الإسرائيلية عدة مرات. وأشار إلى أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش يعتبر من أبرز الداعين لتنفيذ هذه الخطة.

خطة الحسم: تفاصيل التصفية المحتملة للقضية الفلسطينية

تعتمد “خطة الحسم” على ثلاثة خيارات رئيسية يواجهها الفلسطينيون، وفقًا لتصريحات حسين. هذه الخيارات هي: قبول العيش كمواطنين من الدرجة الثانية داخل “فلسطين التاريخية”، أو الخروج من الأراضي الفلسطينية قسرًا (الترحيل)، أو مواجهة القتل. وتعتبر هذه الخيارات بمثابة ضغط هائل على الفلسطينيين لترك أراضيهم.

التنفيذ التدريجي للخطة

تشير التحليلات إلى أن إسرائيل بدأت بالفعل في تنفيذ أجزاء من هذه الخطة، خاصة في قطاع غزة. فالتدمير المنهجي للبنية التحتية في غزة، والذي استمر لعدة أشهر، جعل المنطقة غير صالحة للحياة لفترة طويلة، مما دفع العديد من الفلسطينيين إلى النزوح القسري. وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فإن أكثر من 80% من سكان غزة نزحوا من منازلهم.

وبعد خفض نسبي لحدة العمليات العسكرية في غزة، بدأت إسرائيل في التركيز على الضفة الغربية لتطبيق نفس المنهجية. وتشمل هذه المنهجية زيادة الهجمات على المدنيين الفلسطينيين، وهدم المنازل، وتقييد الحركة، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية.

وقد أثارت حادثة إعدام شابين فلسطينيين في الضفة الغربية، بعد اعتقالهما حيّين، موجة من الإدانات الدولية. الأمر الذي زاد من الجدل هو قيام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير بترقية قائد الوحدة التي نفذت عملية الإعدام، بدلًا من معاقبته، وهو ما يفسره البعض على أنه إشارة إلى دعم رسمي للتصعيد.

بالإضافة إلى ذلك، تتزايد الدعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لفرض سيادة إسرائيلية كاملة على الضفة الغربية، وهو ما يعني ضم المنطقة بشكل فعلي إلى إسرائيل وتوسيع نطاق السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. هذه الخطوات تثير مخاوف من أن إسرائيل تسعى إلى تقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وتشير التقارير إلى أن هناك جهودًا إسرائيلية لتقويض السلطة الفلسطينية، من خلال تقليل الدعم المالي والسياسي المقدم لها، وزيادة الضغوط عليها للاستسلام للشروط الإسرائيلية. هذه الجهود تهدف إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وجعلها غير قادرة على مقاومة الضغوط الإسرائيلية.

الوضع في القدس الشرقية يمثل أيضًا نقطة اشتعال محتملة. فالقيود المتزايدة على دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ومحاولات تغيير الوضع الراهن في المدينة، تثير غضب الفلسطينيين وتزيد من احتمالات اندلاع مواجهات عنيفة. القدس الشرقية تعتبر من قبل الفلسطينيين عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وتتسم العلاقة بين إسرائيل والمجتمع الدولي بالتوتر الشديد، خاصة في ظل استمرار إسرائيل في تجاهل القرارات الدولية التي تدين ممارساتها في الأراضي الفلسطينية. هناك دعوات متزايدة لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان والقانون الدولي.

العديد من المنظمات الدولية، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، قد وثقت انتهاكات إسرائيلية واسعة النطاق لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القتل العشوائي، والاعتقال التعسفي، والتدمير المنهجي للممتلكات. هذه المنظمات تدعو إلى محاسبة إسرائيل على هذه الانتهاكات.

التهجير القسري (التصفية العرقية) يعتبر من أخطر التداعيات المحتملة لخطة الحسم، حيث يمكن أن يؤدي إلى نزوح جماعي للفلسطينيين من أراضيهم، وإلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. هذا ما يثير قلق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام.

ومن المتوقع أن يستمر التوتر في الأراضي الفلسطينية في تصاعد خلال الفترة القادمة. فلا تزال هناك العديد من القضايا العالقة التي لم يتم حلها، مثل مستقبل القدس، ومصير اللاجئين، ومسألة المستوطنات الإسرائيلية. وستعتمد التطورات المستقبلية على مدى قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حلول سياسية شاملة وعادلة.

كما ستراقب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن كثب الإجراءات التي تتخذها إسرائيل في الضفة الغربية، وستسعى إلى الضغط عليها لوقف الانتهاكات و احترام حقوق الإنسان. في نهاية المطاف، فإن مستقبل القضية الفلسطينية يعتمد على إرادة الأطراف المعنية في تحقيق السلام العادل والدائم. ويبقى السؤال حول ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية لديها هذه الإرادة.

شاركها.