لا تزال شحنات النفط الروسي حتى الآن بمنأى عن أي تأثير واضح لتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض زيادات “كبيرة” في الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من الهند، التي تُعد أكبر مشترٍ للنفط الروسي المنقول بحراً.
انخفض قليلاً متوسط الشحنات خلال 4 أسابيع للأسبوع الثاني على التوالي وفقاً لأحدث البيانات، بينما تعافت التدفقات على أساس أسبوعي. وقد بلغ متوسط الشحنات المنقولة بحراً 3.15 مليون برميل يومياً خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 3 أغسطس، في تراجع بنحو 2% مقارنةً بالفترة المنتهية في 27 يوليو، بحسب بيانات تتبع الناقلات التي جمعتها “بلومبرغ”.
كان ترمب هدد الهند بفرض رسوم جمركية إضافية لم يُكشف عنها، إلى جانب نسبة 25% المُعلنة سابقاً. وأوضح أن هذه الرسوم الإضافية ستُطبق إذا استمرت نيودلهي في استيراد النفط من روسيا، وذلك قبل الموعد النهائي الذي حدده في 8 أغسطس لتتوصّل موسكو إلى هدنة مع أوكرانيا.
قد يهمك أيضاً: مودي يتحدى ترمب مع تصاعد الضغوط على واردات الهند من النفط الروسي
تشديد الضغط على الهند
الرئيس الأميركي كان طرح للمرة الأولى فكرة فرض رسوم ثانوية على مشتري النفط الروسي في منتصف يوليو، قبل أن يُقصر المهلة الزمنية لتنفيذها، ويوجه تركيزه يوم الإثنين نحو المشتريات الهندية.
اشترت المصافي الهندية نحو 1.7 مليون برميل يومياً من النفط الروسي حتى الآن هذا العام، في حين أنها لم تكن تستورد كميات تُذكر قبل غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022. ويتم تصدير جزء كبير من المنتجات المكررة الناتجة عن هذا النفط إلى مشترين في أوروبا، ما يدر أرباحاً مجزية على المصافي الهندية، ويساهم بشكل غير مباشر في تمويل الحرب الروسية في أوكرانيا.
ومع اتفاق منتجي “أوبك+” على زيادة كبيرة جديدة في الإنتاج لشهر سبتمبر، وتوقعات بتخمة في سوق النفط العالمية في النصف الثاني من العام، قد تكون الإدارة الأميركية ترى أن الوقت مناسب لمحاولة كبح شحنات النفط الروسية.
تتزايد صعوبة تتبع شحنات النفط من الموانئ الغربية لروسيا بسبب تزايد إشارات المواقع المضلّلة في بحر البلطيق، والبحر الأسود، وحول مورمانسك. وتستخدم “بلومبرغ” مزيجاً من إشارات أنظمة المعلومات الآلية للسفن، وتقارير وكلاء الموانئ، وصور الأقمار الصناعية لتتبع تدفقات النفط.
شحنات الخام
حملت 28 ناقلة ما مجموعه 20.97 مليون برميل من الخام الروسي خلال الأسبوع المنتهي في 3 أغسطس، بحسب بيانات تتبع السفن وتقارير وكلاء الموانئ. ويمثل هذا ارتفاعاً مقارنة بـ18.63 مليون برميل نقلتها 24 سفينة خلال الأسبوع السابق.
بلغ حجم تدفقات الخام خلال الفترة حتى 3 أغسطس نحو 3.15 مليون برميل يومياً على أساس متوسط 4 أسابيع، بانخفاض 70 ألف برميل يومياً مقارنة بالفترة المنتهية في 27 يوليو. ويُستخدم هذا المتوسط لتقليل تقلبات الأرقام الأسبوعية، ما يعطي صورة أوضح عن الاتجاهات الأساسية لتدفقات الخام. أما وفقاً للأرقام الأسبوعية الأكثر تقلباً، فقد ارتفعت الشحنات بنحو 330 ألف برميل إلى 3 ملايين برميل يومياً، معوّضة بعض الخسائر في الأسبوع السابق.
جاء هذا الارتفاع الأسبوع نتيجة تعافٍ قوي في كميات خام الأورال من بحر البلطيق، وزيادة طفيفة في الشحنات من المحيط الهادئ. وقد قابل هذه الزيادات تراجعٌ في التدفقات من البحر الأسود والقطب الشمالي.
وسُجّلت شحنة واحدة من خام “كيبكو” الكازاخي خلال الأسبوع من ميناء نوفوروسيسك، وأخرى من ميناء أوست-لوغا.
قيمة الصادرات
ارتفعت القيمة الإجمالية لصادرات موسكو بنحو 190 مليون دولار، أو 18%، لتصل إلى 1.33 مليار دولار خلال الأسبوع المنتهي في 3 أغسطس. وتزامن ارتفاع التدفقات مع زيادة في متوسط أسعار الخام الروسي.
ارتفع سعر خام الأورال المصدَّر عبر موانئ البلطيق بنحو 1.80 دولار للبرميل ليصل إلى متوسط 60.40 دولار، بينما صعدت نفس الدرجة من البحر الأسود بواقع دولارين لتسجّل 60.61 دولار. كما ارتفع سعر خام “إسبو” الرئيسي من المحيط الهادئ بـ1.80 دولار ليبلغ 69.93 دولاراً للبرميل. أما الأسعار المُسلمة في الهند، فقد ارتفعت بـ1.80 دولار لتسجّل 68.10 دولار، وفقاً لأرقام “أرغوس ميديا” (Argus Media).
وعلى أساس متوسط 4 أسابيع، بلغ متوسط سعر تصدير خام الأورال من كل من بحر البلطيق والبحر الأسود نحو 58.60 دولاراً للبرميل، بارتفاع 0.80 دولار، بينما سجّل خام “إسبو” من المحيط الهادئ 69.18 دولار بزيادة 0.70 دولار للبرميل.
واستناداً إلى هذا المقياس، فإن قيمة الصادرات لم تتغير كثيراً مقارنةً بالفترة المنتهية في 27 يوليو، وبلغ متوسطها نحو 1.36 مليار دولار أسبوعياً.
التدفقات حسب الوجهة
انخفضت الشحنات المسجلة إلى زبائن روسيا في آسيا، بما في ذلك الشحنات التي لا تُظهر وجهة نهائية، إلى 2.77 مليون برميل يومياً خلال الأيام الثمانية والعشرين المنتهية في 3 أغسطس.
تتضمن هذه الأرقام نحو 540 ألف برميل يومياً على متن سفن من الموانئ الغربية تظهر وجهتها كميناء بورسعيد أو قناة السويس، أو من موانئ المحيط الهادئ بدون نقطة تسليم واضحة، إلى جانب 100 ألف برميل يومياً على ناقلات لم تُظهر وجهتها بعد.
ومن السابق لأوانه القول ما إذا كان تهديد ترمب بفرض رسوم إضافية على الواردات من الهند قد أثّر على مشترياتها من الخام الروسي. فالانخفاض الظاهر في الشحنات إلى الهند قد يُعوض لاحقاً، عند اتضاح وجهات السفن المصنفة ضمن فئات “وجهات غير معروفة في آسيا” و”وجهات غير معروفة أخرى”.
وبقيت التدفقات إلى تركيا في الأسابيع الأربعة المنتهية في 3 أغسطس من دون تغيير عن الفترة المنتهية في 27 يوليو عند نحو 310 آلاف برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ مايو. بينما بلغ متوسط الشحنات إلى سوريا نحو 70 ألف برميل يومياً.