تخرّج 168 طبيبًا وطبيبة في قطاع غزة، أمس الخميس، وحصلوا على شهادة “البورد الفلسطيني” في تخصصات مختلفة، وذلك في حفل أقيم داخل مجمع الشفاء الطبي المدمر، في مشهد يعكس التحدي والإصرار على الاستمرار في تقديم الرعاية الصحية رغم الظروف القاسية التي يمر بها القطاع. يأتي هذا التخريج في ظل أزمة صحية حادة وتدهور كبير في البنية التحتية الطبية نتيجة الحرب المستمرة.

أقيم الحفل بحضور مسؤولين في وزارة الصحة الفلسطينية وأطباء ومتخصصين، وتخلله أداء الخريجين للقسم الطبي، مؤكدين التزامهم بأخلاقيات المهنة وتقديم أفضل الخدمات للمرضى. وقد أُطلق على دفعة الخريجين اسم “فوج الإنسانية” تكريمًا لجهودهم في مواجهة الأزمة.

تحديات وتخريج الأطباء الجدد: استمرار تقديم الرعاية الصحية في غزة

أكد وكيل وزارة الصحة بغزة، يوسف أبو الريش، أن تخريج هذه الكوكبة من الأطباء يمثل إنجازًا كبيرًا في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع. وأضاف أن الأطباء الخريجين تلقوا تدريبهم وتخصصهم خلال فترة الحرب، مما يعكس تفانيهم والتزامهم بمهنتهم.

وأشار أبو الريش إلى أن القطاع الصحي في غزة فقد أكثر من 1700 شهيد من الكوادر الطبية والمتطوعين منذ بداية الحرب، بالإضافة إلى تدمير العديد من المستشفيات والمراكز الصحية.

صعوبات التدريب والتخصص خلال الحرب

أوضح المدير الطبي لمجمع الشفاء، الدكتور محمد أبو سلمية، أن الوزارة واجهت صعوبات كبيرة في استمرار التدريب والتخصص للأطباء خلال الحرب، بسبب الاستهداف المتكرر للمرافق الطبية والنقص الحاد في الإمكانات. ومع ذلك، تمكنت الوزارة من إيجاد حلول بديلة لضمان استمرار العملية التعليمية وتأهيل الأطباء الجدد.

وأضاف أبو سلمية أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف بشكل مباشر البنية التحتية الصحية في غزة، في محاولة لتدمير قدرة القطاع على تقديم الرعاية الصحية للمواطنين.

أهمية تخريج الأطباء في ظل الأزمة الإنسانية

يأتي تخريج هذه الدفعة من الأطباء في وقت يواجه فيه قطاع غزة أزمة إنسانية حادة، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدهور الأوضاع الصحية للمواطنين.

وقال الدكتور أحمد باسل، رئيس قسم في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي، إن الأطباء الخريجين يمثلون إضافة نوعية للقطاع الصحي، وسيسهمون في تحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين. وأضاف أن حصوله وزملائه على شهادات علمية متقدمة، بما في ذلك الدكتوراه، يعكس إصرار الفلسطينيين على مواصلة التعليم والتطور رغم الظروف الصعبة.

وشهد الحفل إحياء ذكرى الأطباء والعاملين في القطاع الصحي الذين استشهدوا خلال الحرب، حيث وُضعت صورهم على كراسي المنصة، في لفتة وفاء لتضحياتهم.

تعتبر شهادة البورد الفلسطيني معيارًا عاليًا للجودة في التدريب الطبي، وتمنح الأطباء المتخصصين الاعتراف الرسمي بكفاءتهم في مجال تخصصهم.

تأثير الحرب على القطاع الصحي

أدت الحرب إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية الصحية في غزة، بما في ذلك المستشفيات والمراكز الصحية والصيدليات. كما أدت إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتعطيل الخدمات الصحية الأساسية.

وبحسب تقارير وزارة الصحة، فإن أكثر من 71 ألف فلسطيني استشهدوا وأكثر من 171 ألف آخرين أصيبوا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023.

تعتبر الأزمة الصحية في غزة من بين أسوأ الأزمات الصحية في العالم، وتتطلب تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي لتقديم المساعدة الإنسانية وتوفير الدعم اللازم للقطاع الصحي.

من المتوقع أن تستمر وزارة الصحة الفلسطينية في جهودها لتأهيل وتدريب الأطباء والمتخصصين، بهدف تعزيز القدرة على تقديم الرعاية الصحية للمواطنين في ظل الظروف الصعبة. وستركز الوزارة على إعادة بناء المستشفيات والمراكز الصحية المدمرة، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.

يبقى الوضع الإنساني والصحي في غزة هشًا وغير مستقر، ويتطلب متابعة دقيقة وجهودًا مستمرة من جميع الأطراف المعنية لضمان حصول المواطنين على حقوقهم في الرعاية الصحية.

شاركها.