يتزايد الجدل حول إزالة ما يقرب من 100 ألف شجرة من غابات الأمازون المطيرة في ولاية بارا شمالي البرازيل، وذلك في إطار خطط لبناء طريق سريع رباعي المسارات بالقرب من مدينة بليم. وتأتي هذه الاتهامات بالتزامن مع استعداد البرازيل لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، COP30، مما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالحفاظ على الغابات. الغابات الأمازونية ليست مجرد مصدر للتنوع البيولوجي، بل تلعب دورًا حيويًا في تنظيم المناخ العالمي.
على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، لا تزال الاتحاد الأوروبي أكبر مساهم في تمويل المناخ على مستوى العالم، مع توافد القادة وخبراء الصناعة إلى هذا الحدث الهام الذي يقام في الفترة ما بين 6 و 21 نوفمبر. وقد أثار هذا التناقض ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتقد البعض بشدة ما يعتبرونه ازدواجية في المعايير.
الجدل حول طريق “Liberdade” وتداعياته على الأمازون
يعود تاريخ مشروع طريق “Avenida Liberdade” السريع إلى عام 2012، وتم الإعلان عنه رسميًا في عام 2020، قبل إعلان البرازيل استضافتها لمؤتمر COP30 في عام 2023. يهدف الطريق إلى ربط مدينة ماريتوبا، المجاورة لبليم، بالعاصمة، بهدف تخفيف الازدحام المروري على الطرق الرئيسية الحالية. بدأ البناء في يونيو 2024، ولكنه توقف عدة مرات بسبب الاحتجاجات والغضب المحليين بسبب نقص التشاور.
في مارس 2025، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) مقالاً حول الطريق السريع، مما أثار المزيد من الجدل. اقتبس المقال سكرتير البنية التحتية في الولاية، أدلر سيلفيرا، قوله إن الطريق كان من بين 30 مشروعًا تعمل عليها بليم “للتحضير” و “تحديث” نفسها، لضمان “إرثًا للسكان والأهم من ذلك، خدمة الناس في COP30 بأفضل طريقة ممكنة”.
لكن منظمي COP30 ردوا على نشر مقال بي بي سي، الذي عنوانه “غابة الأمازون تُقطع لبناء طريق لقمة المناخ”، بالقول إن بناء الطريق لا يقع “تحت مسؤولية الحكومة الفيدرالية” أو “33 مشروعًا للبنية التحتية المخطط لها لـ COP30”.
ومع ذلك، تشير التقارير الإعلامية المحلية إلى أن الزخم لبناء الطريق السريع قد ازداد قبل الحدث، كجزء من جهود لتحسين البنية التحتية. وفي مقال نشرته وسيلة الإعلام المحلية “Pará Terra Boa”، قدم سيلفيرا سلسلة من المشاريع التي تهدف إلى تحسين حركة المرور في ولاية بارا، بما في ذلك “Avenida Liberdade”، مشيرًا إلى أن “COP هو حدث سيسرع كل هذا في سياق البنية التحتية”.
التضليل الإعلامي وتأثيره على النقاش
على الرغم من ذلك، يؤكد رافائيل دي بينو، الصحفي البرازيلي المتخصص في تغطية التضليل الإعلامي حول المناخ، أن “إعلان حاكم بارا عن مشروع طريق كجزء من الاستعدادات لـ COP30 لا يجعله مشروعًا رسميًا لـ COP30، ناهيك عن كونه ‘طريقًا سريعًا رباعي المسارات للسماح للبيئيين بالقيادة’”.
حتى الآن، لم يكتمل بناء الطريق السريع، وتشير السلطات المحلية إلى أنها تهدف إلى الانتهاء منه بحلول أوائل عام 2026. يمثل هذا التأخير فرصة لإعادة تقييم المشروع وتقليل تأثيره البيئي المحتمل.
تداعيات المشروع على المجتمعات الأصلية والبيئة
يعيش عدد من المجتمعات الأصلية بالقرب من الطريق السريع “Avenida Liberdade”، ويعبرون عن إدانتهم لنقص التشاور حول المشروع، والشعور بأنهم محاطون بشكل متزايد بالبنية التحتية، فضلاً عن المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي، نظرًا لأن العديد من الأفراد يعيشون على الزراعة المحلية. حماية الغابات هي جزء لا يتجزأ من حماية حقوق هذه المجتمعات.
منذ عام 2016، سجلت ولاية بارا أعلى معدل لإزالة الغابات في البرازيل سنويًا. في عام 2024 وحده، تم تدمير 1260 كيلومترًا مربعًا من غابات الأمازون المطيرة. ويعزو دي بينو إزالة الغابات في الغالب إلى قطاع الأعمال الزراعية، حيث تمثل أكثر من 90٪ من إزالة الغابات، وفقًا لـ MapBiomas.
ويضيف دي بينو أن “جزءًا من هذا القطاع يمول أيضًا آلة التضليل الإعلامي حول المناخ، كما ذكرت Agência Pública”. ويثير صمت الجهات المعنية بشأن هذه الأرقام، حتى مع انعقاد COP30 في بليم، “قلقاً بالغاً”.
هدفت البرازيل إلى استضافة COP30 هذا العام لإبراز السكان الأصليين، الذين يعتمد أسلوب حياتهم على غابة الأمازون المطيرة. فقد نظم الناشطون والسكان الأصليون احتجاجات في شوارع بليم، كأكبر احتجاج ضد حدث COP منذ COP26 الذي عقد قبل أربع سنوات في غلاسكو.
في الأسبوع الماضي، نظم السكان الأصليون أيضًا احتجاجات عرقلت الدخول إلى قاعة المؤتمرات. من المتوقع أن تستمر هذه الاحتجاجات في الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات أكثر جدية لحماية التنوع البيولوجي في الأمازون.
من المقرر أن يتم الانتهاء من تقييم الأثر البيئي للطريق السريع في الربع الأول من عام 2026، وستعتمد الخطوات التالية على النتائج. يجب مراقبة مدى استجابة الحكومة للمخاوف البيئية والاجتماعية، وكذلك التزامها بتنفيذ وعودها المتعلقة بحماية غابات الأمازون المطيرة.






