أعربت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، عن شكوكها بشأن مبادرة روسيا لإعداد خطة سلام جديدة لأوكرانيا، واصفةً إياها بأنها مجرد “مسايرة كلامية” تهدف إلى التضليل. جاء هذا التحذير في وقت تزايدت فيه التقارير حول مسودة تتضمن 28 نقطة، قيل إنها صُممت سراً بين الولايات المتحدة وروسيا، دون مشاركة أوكرانيا، مما يثير تساؤلات حول مستقبل السلام في أوكرانيا.

تأتي هذه التطورات في ظل نقاشات أوروبية مكثفة حول إمكانية استخدام الأصول الروسية المجمدة لتقديم قروض تعويضية لأوكرانيا، بهدف تغطية احتياجاتها العسكرية والمالية على المدى الطويل. وقد أعلنت كالاس موقفها هذا خلال اجتماع لوزراء الخارجية في بروكسل، مؤكدةً على ضرورة أن تكون أوكرانيا وأوروبا طرفين أساسيين في أي مفاوضات سلام حقيقية.

مخاطر خطة السلام المقترحة وتأثيرها على أوكرانيا

تشير التقارير إلى أن الخطة المقترحة تتضمن شروطاً مجحفة لأوكرانيا، بما في ذلك التنازل الكامل عن منطقة دونباس، وهي المنطقة التي لم تتمكن القوات الروسية من السيطرة عليها بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الخطة قيوداً على حجم الجيش الأوكراني وترسانته من الأسلحة.

وفقاً لمصادر دبلوماسية، قاد هذه المبادرة كيريل ديميترييف، المبعوث الخاص لروسيا، ثم تم تمريرها إلى ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة. يثير ويتكوف جدلاً واسعاً في أوكرانيا وأوروبا بسبب ميوله نحو تبني وجهات النظر الروسية دون نقد.

ردود فعل أوروبية متباينة

أكدت كالاس أن الوزراء ناقشوا هذه الخطة خلال اجتماعهم، لكنها أشارت إلى أن الأجواء كانت “هادئة للغاية” لأنهم “شاهدوا هذا من قبل” – في إشارة إلى محاولات دبلوماسية سابقة تجاهلت وجهة نظر كييف.

عبر رادوسلاف سيكورسكي، وزير الخارجية البولندي، عن شكوكه قائلاً: “نحن بحاجة أولاً إلى توضيح وضع هذه المقترحات المفترضة، لأننا نعرفها حالياً من خلال تسريبات إعلامية فقط.”

من جانبها، صرحت ماريا مالمر ستينرغارد، وزيرة الخارجية السويدية: “لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون أوكرانيا، ويجب أن تكون أوروبا على الطاولة.” وأضافت: “هناك الكثير من الحديث عن مفاوضات مختلفة.”

الضغط على روسيا والبحث عن حلول مالية لأوكرانيا

فيما يتعلق بالخشية من أن تضغط الولايات المتحدة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقبول الشروط المجحفة، شددت كالاس على أن “الضغط يجب أن يكون على المعتدي” لإنهاء الغزو الشامل. وأوضحت أن “روسيا لم تقدم أي تنازلات حتى الآن، وهي التي بدأت هذه الحرب وغزت دولة أخرى، وهي التي ترتكب جرائم قتل المدنيين في أوكرانيا.”

على الرغم من اهتمام أوكرانيا بإجراء مفاوضات سلام، إلا أن الثمن لا يمكن أن يكون “التخلي عن بلدك”، حسبما أكدت كالاس.

تزامن هذه التقارير مع مناقشات في بروكسل حول استخدام الأصول الروسية المجمدة لتقديم قروض تعويضية لأوكرانيا. يُعد هذا الإجراء سابقةً من نوعها، وينطوي على مخاطر مالية وقانونية كبيرة. تطالب بلجيكا، التي تحتفظ بمعظم الأصول، بتضامن كامل وضمانات قوية لحمايتها من أي انتقام محتمل من الكرملين.

وبالنظر إلى الآثار بعيدة المدى لهذا القرار، سيتم اتخاذ القرار النهائي على مستوى القادة. في حال عدم التوصل إلى توافق بحلول نهاية ديسمبر، سيتعين على الاتحاد الأوروبي اللجوء إلى حل مؤقت لتجنب إجراء تخفيضات مؤلمة في الميزانية الأوكرانية.

ترى كالاس أن أحد أسباب سعي روسيا لإعداد خطط سلام جديدة وإظهار “وجه جيد” هو “خوفها” من فقدان الأصول، حيث ستتمكن موسكو من استعادة الأموال بموجب المخطط المقترح فقط إذا قدمت تعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزوها الشامل.

واختتمت كالاس حديثها بالقول: “القرض التعويضي هو الطريقة الأكثر وضوحاً لدعم دفاع أوكرانيا، وهو أيضاً وسيلة لإظهار لروسيا أن الوقت ليس في صالحها. دعم أوكرانيا هو صفقة رابحة مقارنة بتكلفة انتصار روسيا.”

من المتوقع أن يستمر النقاش حول هذه المقترحات في الأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول مالية مستدامة لدعم أوكرانيا وضمان مشاركة فعالة لأوروبا في أي مفاوضات سلام مستقبلية. يبقى التحدي الأكبر هو إقناع جميع الأطراف المعنية بضرورة وضع مصالح أوكرانيا في المقام الأول، والضغط على روسيا لتقديم تنازلات حقيقية تساهم في تحقيق السلام الدائم.

شاركها.