تشهد الدول الغربية تصاعدًا مقلقًا في محاولات تنفيذ هجمات إرهابية، وذلك وفقًا لمسؤولين كبار في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي. وقد بدأت هذه التحذيرات بعد الهجوم المميت الذي استهدف احتفالًا بذكرى عيد الأنوار (Hanukkah) في شاطئ بوندي بسيدني، أستراليا. وتُظهر البيانات ارتفاعًا في وتيرة هذه المحاولات، التي غالبًا ما تكون منخفضة التكلفة وسريعة التنفيذ، وتستغل المجتمعات المفتوحة والتجمعات العامة، خاصة خلال الأعياد الدينية. هذا الارتفاع في التهديد الإرهابي يثير مخاوف متزايدة بشأن الأمن العالمي.
تصاعد التهديد الإرهابي العالمي
أكد مسؤولون إسرائيليون أن أستراليا ليست حالة منعزلة، بل هي جزء من نمط أوسع نطاقًا من المؤامرات الإرهابية التي تم إحباطها في أوروبا وأمريكا الشمالية وأماكن أخرى. ووفقًا لتقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن عدد الهجمات التي تم إحباطها أكبر بكثير مما هو معلن عنه للعامة. ويشير هذا إلى وجود تهديد مستمر ومتزايد يتطلب يقظة أمنية عالية.
ديناميكيات جديدة في الشبكات الإرهابية
تتسم الشبكات الإرهابية بتعقيد متزايد، حيث تعتمد على أفراد من جنسيات مختلفة لتنفيذ مهام لوجستية واستخباراتية وتمويلية، بهدف إخفاء الصلات المباشرة مع دول معينة. وتشير التقارير إلى أن بعض هذه الشبكات تستغل خلفيات المهاجرين واللاجئين، أو تستعين بعناصر إجرامية لتنفيذ أعمال عنف. يستخدم الإرهابيون أيضًا قنوات اتصال مشفرة واجتماعات سرية لتجنب المراقبة الأمنية.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تداخل متزايد بين مختلف الأيديولوجيات المتطرفة، بما في ذلك الجماعات الجهادية والعنف الفردي والأنشطة المدعومة من دول. ويساهم التطرف عبر الإنترنت وعدم الاستقرار الجيوسياسي في تغذية هذه الظاهرة. تتميز العديد من هذه المؤامرات ببساطتها، مما يجعل اكتشافها المبكر أمرًا صعبًا، على الرغم من قدرتها على إحداث خسائر فادحة.
لا يقتصر التهديد على الأهداف اليهودية، بل يمتد ليشمل المجتمعات المسيحية والتجمعات المدنية الكبيرة، خاصة خلال الأعياد والمناسبات الرمزية. وقد دفعت هذه المخاوف السلطات الأوروبية إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في أسواق عيد الميلاد والاحتفالات الأخرى، من خلال زيادة الدوريات المسلحة وتركيب الحواجز وتعزيز المراقبة.
إحباط مخططات إرهابية في الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة، أعلنت السلطات الفيدرالية مؤخرًا عن إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف ليلة رأس السنة، وذلك بعد القبض على مشتبه بهم متهمين بالتخطيط لشن هجمات منسقة باستخدام عبوات ناسفة بدائية الصنع. ويؤكد هذا الإجراء على أهمية التدخل الاستخباراتي المبكر في مواجهة هذا التهديد.
ويعزو مسؤولون إسرائيليون تفاقم الوضع الأمني إلى تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين، مما أدى إلى تنشيط الحركات الإسلامية المتطرفة على مستوى العالم. ويثير عدم الاستقرار في سوريا قلقًا خاصًا، حيث يمكن أن يوفر بيئة مناسبة لتنظيم داعش لإعادة تجميع صفوفه وتوسيع نطاق نفوذه.
ويشكل انتشار الأفراد المتطرفين الذين يعملون بمفردهم أو كخلايا نائمة تحديًا كبيرًا لأجهزة الأمن الغربية، حيث يمكن لهؤلاء الأفراد تنفيذ هجمات مميتة وإلهام أعمال عنف مماثلة. على الرغم من أن السلطات الأسترالية لم تربط الهجوم الذي وقع في شاطئ بوندي بتوجيهات استخباراتية أجنبية، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يرون أنه يتناسب مع الصورة العامة لتصاعد التهديد الإرهابي.
تترافق هذه التطورات مع زيادة في ما يسمى بـ “التأثير العدوى” أو “العدوى العالمية”، حيث يتم تضخيم الهجمات عبر الإنترنت والاحتفاء بها في الأوساط المتطرفة، مما يؤدي إلى تقليدها في أماكن أخرى. هذا يزيد من جاذبية الهجمات للمتطرفين لقدرتها على إحداث تأثير نفسي وسياسي كبير، مقابل سهولة تنفيذها. يوفر هذا أيضًا مؤشرًا مهماً لـ مكافحة الإرهاب.
يؤكد المحللون أن الوضع يتطلب تعاونًا دوليًا وثيقًا وتبادلًا للمعلومات الاستخباراتية لمواجهة هذا التهديد المتزايد. كما تتزايد الحاجة إلى تطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة التطرف عبر الإنترنت ومنع استغلال الجماعات الإرهابية للأزمات الإنسانية والسياسية.
من المتوقع أن تستمر أجهزة الاستخبارات في تقييم التهديد الإرهابي وتعديل الإجراءات الأمنية وفقًا لذلك. مع اقتراب الأعياد والمناسبات الهامة، من المرجح أن تشهد العديد من الدول زيادة في اليقظة الأمنية. تبقى حالة عدم اليقين هي السائدة، والإجراءات الوقائية المستمرة ضرورية لاحتواء هذا الخطر.






