شهدت أسواق السلع اليوم تقلبات ملحوظة، مع تركيز خاص على أسعار القمح و فول الصويا. تأثرت الأسعار بعوامل متعددة تشمل التطورات الجيوسياسية، وتحديثات الإنتاج من مناطق رئيسية، وتعديلات في توقعات الطلب العالمي. تأتي هذه التغيرات في وقت يشهد فيه العالم ضغوطًا متزايدة على الأمن الغذائي، مما يجعل مراقبة أسعار هذه السلع أمرًا بالغ الأهمية.

تراجعت أسعار القمح في بورصة شيكاغو التجارية (CBOT) بنسبة 1.5% لتصل إلى 6.15 دولار للبوشل، بينما ارتفعت أسعار فول الصويا بنسبة 0.8% لتصل إلى 12.30 دولار للبوشل. تأثرت هذه التحركات بشكل كبير بالتقارير الواردة من منطقة البحر الأسود، وهي منطقة حيوية لإنتاج القمح، وبالتحديد من أوكرانيا وروسيا. تأتي هذه التطورات في أعقاب اتفاقية حبوب البحر الأسود، والتي أثارت مخاوف بشأن استمرار تدفق الإمدادات.

تحديثات سوق القمح: العوامل المؤثرة

يعزى الانخفاض في أسعار القمح بشكل أساسي إلى تحسن الظروف الجوية في بعض مناطق زراعة القمح في الولايات المتحدة، مما أدى إلى توقعات بزيادة المحصول. وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، من المتوقع أن يكون إنتاج القمح الشتوي في الولايات المتحدة أعلى من التقديرات السابقة.

تأثيرات اتفاقية حبوب البحر الأسود

لا تزال اتفاقية حبوب البحر الأسود، التي تسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، تشكل عاملًا رئيسيًا في تحديد أسعار القمح العالمية. ومع ذلك، هناك حالة من عدم اليقين بشأن تجديد الاتفاقية بعد انتهاء مدتها في يوليو القادم. تخشى الأسواق من أن عدم التجديد قد يؤدي إلى تعطيل الإمدادات وزيادة الأسعار.

الطقس والإنتاج في مناطق رئيسية

بالإضافة إلى الولايات المتحدة، تشهد مناطق أخرى رئيسية لإنتاج القمح، مثل روسيا وأوكرانيا، ظروفًا جوية متفاوتة. تشير التقارير إلى أن روسيا تشهد ظروفًا جيدة لنمو القمح، في حين أن أوكرانيا تواجه تحديات بسبب استمرار الحرب. هذه العوامل تؤثر بشكل مباشر على حجم الإنتاج وبالتالي على الأسعار.

سوق فول الصويا: ارتفاع مدفوع بالطلب

ارتفعت أسعار فول الصويا مدفوعة بالطلب القوي من الصين، أكبر مستورد لفول الصويا في العالم. أفادت وكالة رويترز أن الصين زادت من مشترياتها من فول الصويا الأمريكي في الأسابيع الأخيرة، مما ساهم في ارتفاع الأسعار. الزيت النباتي، وهو منتج ثانوي لفول الصويا، شهد أيضًا ارتفاعًا في الأسعار.

الطلب الصيني وتأثيره

يعتبر الطلب الصيني على فول الصويا عاملاً حاسماً في تحديد الأسعار العالمية. تستخدم الصين فول الصويا بشكل رئيسي في إنتاج علف الحيوانات، حيث يشهد قطاع تربية الخنازير نموًا مستمرًا. بالإضافة إلى ذلك، يزداد الطلب على فول الصويا في صناعة الأغذية.

تأثيرات الطقس على إنتاج فول الصويا

على الرغم من ارتفاع الأسعار، هناك بعض المخاوف بشأن إنتاج فول الصويا في أمريكا الجنوبية، وخاصة في الأرجنتين والبرازيل. تشير التقارير إلى أن الجفاف قد أثر سلبًا على المحاصيل في بعض المناطق. الذرة، وهي سلعة مرتبطة بفول الصويا، تأثرت أيضًا بظروف الطقس.

ومع ذلك، فإن زيادة المساحات المزروعة بفول الصويا في الولايات المتحدة قد تعوض بعض الخسائر في أمريكا الجنوبية. تتوقع وزارة الزراعة الأمريكية زيادة في إنتاج فول الصويا الأمريكي هذا العام.

بالإضافة إلى ذلك، أثرت التوترات الجيوسياسية المستمرة في أوكرانيا على أسعار السلع الزراعية بشكل عام، مما أدى إلى زيادة التقلبات وعدم اليقين في الأسواق. تعتبر أوكرانيا منتجًا رئيسيًا للحبوب والزيوت النباتية، وأي تعطيل في الإمدادات من أوكرانيا يمكن أن يؤثر على الأسعار العالمية.

تراقب الأسواق أيضًا عن كثب تطورات السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية الرئيسية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يمكن أن تؤثر قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة على أسعار السلع، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يقلل من الطلب على السلع.

في الختام، من المتوقع أن تستمر أسواق القمح وفول الصويا في التقلب في الأيام والأسابيع القادمة. سيكون تجديد اتفاقية حبوب البحر الأسود، وتطورات الطقس في مناطق الإنتاج الرئيسية، والطلب الصيني على فول الصويا، والسياسة النقدية للبنوك المركزية، من العوامل الرئيسية التي ستحدد اتجاه الأسعار. من المقرر أن تصدر وزارة الزراعة الأمريكية تقريرها الشهري عن حالة المحاصيل في نهاية الشهر، والذي من المتوقع أن يقدم المزيد من التوضيحات حول توقعات الإنتاج.

شاركها.