في تطور هام للأزمة المستمرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، أعلن متمردو حركة 23 مارس (إم 23) انسحابهم من مدينة أوفيرا الاستراتيجية في إقليم جنوب كيفو. يأتي هذا الانسحاب بعد ضغوط دولية مكثفة، خاصة من الولايات المتحدة، بهدف تخفيف حدة القتال ودعم مساعي السلام في المنطقة. هذا الإجراء يمثل خطوة أولى محتملة نحو استقرار هش في منطقة تشهد صراعات منذ عقود، لكن نجاحه يعتمد على الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار وتنفيذ اتفاقيات السلام.
ويأتي هذا الانسحاب بعد أيام من اتهامات موجهة لرواندا بدعم هجوم حركة إم 23 على أوفيرا، مما أدى إلى سيطرتها على المدينة. وقد حذرت واشنطن من أنها قد تتخذ إجراءات ضد كيغالي إذا لم تلتزم بتعهداتها في اتفاق واشنطن الذي يهدف إلى تخفيف التوترات في المنطقة.
الضغوط الدولية وانسحاب حركة إم 23 من أوفيرا
أكدت حركة إم 23 أن انسحابها من أوفيرا هو “إجراء لبناء الثقة” يهدف إلى تسهيل المفاوضات الجارية في إطار مسار الدوحة للسلام. وتسعى هذه المحادثات، التي تجمع بين ممثلي الحكومة الكونغولية والحركة المتمردة، إلى التوصل إلى حل دائم للأزمة وإنهاء الأعمال العدائية.
وبحسب بيان صادر عن الحركة، جاء الانسحاب استجابة لطلب من الوساطة الأمريكية، مع دعوة إلى “نزع السلاح من المدينة ونشر قوة محايدة” لضمان حماية المدنيين ومراقبة وقف إطلاق النار. تأمل الحركة أن يعزز هذا القرار الحوار ويدفع عجلة محادثات السلام نحو الأمام.
ردود الفعل على الانسحاب
رحب المجتمع الدولي بالانسحاب، مع التأكيد على أهمية استمرار الضغط على جميع الأطراف لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تراقب الوضع عن كثب، وتدعو إلى تنفيذ كامل للاتفاقيات السلمية.
في المقابل، أعربت الحكومة الكونغولية عن حذرها، مطالبة بضمانات دولية لمنع استغلال الانسحاب من قبل الجماعات المسلحة الأخرى. وتشير تقارير إلى أن الحكومة الكونغولية تصر على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك قضايا الأرض والموارد الطبيعية.
مخاوف حركة إم 23
أعربت حركة إم 23 عن قلقها بشأن سلامة مقاتليها والمدنيين المتعاطفين معها في أوفيرا. وزعمت الحركة أن التجارب السابقة أظهرت أن القوات الكونغولية والمليشيات المتحالفة معها استغلت عمليات الانسحاب السابقة لشن هجمات انتقامية.
وطالبت الحركة بضمانات دولية لحماية السكان والبنية التحتية خلال عملية الانسحاب، مؤكدة أنها لن تسمح باستخدام المناطق الخاضعة لسيطرتها كقواعد خلفية لشن هجمات عبر الحدود. هذا التحذير يعكس المخاوف الإقليمية المتزايدة بشأن استقرار شرق الكونغو.
أوفيرا: نقطة اشتعال الصراع
لطالما كانت مدينة أوفيرا نقطة اشتعال رئيسية في الصراع الدائر في شرق الكونغو. وقد سيطر عليها متمردو إم 23 في وقت سابق من هذا الشهر، مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية.
ويأتي الهجوم على أوفيرا في وقت يشهد فيه شرق الكونغو تصاعدًا في العنف، مع نشاط متزايد لمختلف الجماعات المسلحة. وقد أدى ذلك إلى تفاقم معاناة السكان المحليين وزيادة المخاطر الأمنية في المنطقة.
الوضع في شرق الكونغو لا يزال معقداً وهشاً. من المتوقع أن تستمر المفاوضات في الدوحة في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على التوصل إلى اتفاق شامل يضمن وقف إطلاق النار الدائم ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع. يبقى من الضروري مراقبة التطورات على الأرض، وتقييم مدى التزام جميع الأطراف بالاتفاقيات السلمية، وتوقع أي تصعيد محتمل في العنف.






