أثارت توسعة صلاحيات الحكومة الأمريكية في مجال جمع البيانات مخاوف واسعة النطاق بشأن الخصوصية والحريات المدنية. وتشمل التوسعة الأخيرة، التي تتعلق بقانون المراقبة الأجنبي (FISA)، إمكانية إجبار أصحاب العقارات التجارية على المساعدة في عمليات المراقبة الحكومية، بالإضافة إلى السماح بوكالات حكومية بشراء بيانات الموقع والتصفح من شركات خاصة دون الحاجة إلى مذكرة قضائية. هذا التطور يثير تساؤلات حول حدود المراقبة الحكومية وتأثيرها على المواطنين.
الجدل المحتدم يدور حول تفسير جديد لقانون المراقبة الأجنبي، يسمح لوزارة العدل بإجبار الشركات التي تمتلك أو تسيطر على “مرافق الاتصالات” على تقديم المساعدة في عمليات المراقبة. ويشمل ذلك أصحاب المباني الذين تستخدم شركات الاتصالات بنيتهم التحتية، مما قد يجبرهم على منح وكالة الأمن القومي (NSA) وصولاً مباشراً إلى معدات الاتصالات الخاصة بهم. هذا التوسع يثير قلقاً كبيراً بشأن جمع البيانات الجماعي.
توسيع صلاحيات المراقبة الحكومية يثير جدلاً قانونياً وأخلاقياً
وفقًا لخبراء قانونيين، فإن هذا التوسع في صلاحيات المراقبة يمثل خروجًا كبيرًا عن النطاق الأصلي لقانون المراقبة الأجنبي. كان القانون في الأصل يهدف إلى جمع المعلومات الاستخباراتية عن الأجانب خارج الولايات المتحدة، ولكن التفسير الجديد يوسع نطاقه ليشمل المواطنين الأمريكيين والاتصالات المحلية.
أشارت المحامية جينيفر غويتِن، المتخصصة في قضايا الأمن القومي، إلى أن شركات العقارات التجارية تفتقر في كثير من الأحيان إلى القدرة على عزل الرسائل الفردية، مما يعني أنها قد تضطر إلى منح وكالة الأمن القومي وصولاً كاملاً إلى جميع الاتصالات التي تمر عبر معداتها. وهذا يشمل الاتصالات الشخصية والمهنية التي لا علاقة لها بالأمن القومي.
ثغرة “وسيط البيانات” تثير قلقاً إضافياً
بالإضافة إلى ذلك، سلطت المناقشات الضوء على ما يُعرف باسم “ثغرة وسيط البيانات”، والتي تسمح للوكالات الحكومية بشراء بيانات الموقع والتصفح وغيرها من المعلومات الحساسة عن الأمريكيين من شركات خاصة دون الحصول على مذكرة قضائية.
وقد كشفت التقارير أن وكالات مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وإدارة مكافحة المخدرات (DEA)، وخدمة الأسرار (Secret Service)، ووزارة الأمن الداخلي (DHS)، ووزارة الدفاع (DoD)، ومصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) قد اشترت بيانات تحديد مواقع الهواتف المحمولة.
في حين أن المحكمة العليا قد قضت بأن معلومات تحديد مواقع الهواتف المحمولة التاريخية محمية بموجب التعديل الرابع للدستور الأمريكي عندما يتم الحصول عليها مباشرة من شركات الاتصالات، فإن الوكالات الحكومية تدعي أنها تستطيع شراء نفس البيانات من الوسطاء دون الحاجة إلى مذكرة.
يعقد المراقبون صعوبة في تتبع هذه المشتريات بسبب السرية المحيطة بالعقود الحكومية مع شركات البيانات. يقول الخبير في السياسات العامة جيمس تشيرنيافسكي إن هذا التوسع في المراقبة يضم “عددًا كبيرًا من الشركات في هذا الجهاز الرقابي” دون نيتها في ذلك.
ردود الفعل والتداعيات المحتملة
وقد أثار هذا التوسع في صلاحيات المراقبة انتقادات واسعة النطاق من منظمات الحقوق المدنية وخبراء الخصوصية. وتعتبر هذه الإجراءات انتهاكًا للحق في الخصوصية والحماية من المراقبة الحكومية التعسفية.
في المقابل، يرى مؤيدو هذه الإجراءات أنها ضرورية لحماية الأمن القومي ومكافحة الإرهاب والجريمة. ويجادلون بأن الوكالات الحكومية بحاجة إلى الوصول إلى هذه البيانات لتحديد التهديدات المحتملة ومنع الهجمات.
من الجدير بالذكر أن مجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIC)، وهو جمعية تجارية رئيسية في قطاع التكنولوجيا، قد أعربت عن قلقها بشكل علني وحثت الكونجرس على تضييق نطاق التعريف المستخدم في القانون.
تتزايد الدعوات إلى إصلاحات تشمل زيادة الشفافية حول عقود شراء البيانات الحكومية، وتعيين مراجعين مستقلين لضمان الامتثال للقانون، وتشديد القيود على استخدام البيانات التي يتم الحصول عليها من شركات خاصة.
ومع ذلك، يرى تشيرنيافسكي أن هذه الإصلاحات “لن تنهي المراقبة” ولن تمنع العمليات الأمنية المشروعة، مؤكدًا أن “البلاد لن تغرق في الظلام”.
تتراوح المخاوف المتعلقة بـ حماية البيانات من جمع معلومات شخصية حساسة إلى احتمال إساءة استخدام هذه المعلومات أو استهداف مجموعات معينة من الأشخاص. كما أن هناك قلقًا بشأن تأثير هذه المراقبة على حرية التعبير والتجمع.
بالإضافة إلى ذلك، يثير هذا التوسع في المراقبة أسئلة حول التوازن بين الأمن القومي والحريات المدنية. ويجب على الكونجرس والمحاكم أن يدرسوا بعناية هذه القضايا وأن يتخذوا خطوات لضمان حماية حقوق المواطنين الأمريكيين.
تتجه الأنظار الآن نحو الكونجرس، الذي من المتوقع أن يناقش هذه المسألة في الأشهر المقبلة. من غير الواضح ما إذا كان الكونجرس سيقوم بتعديل القانون أو اتخاذ أي إجراءات أخرى للحد من صلاحيات المراقبة الحكومية.
ومع ذلك، فإن الضغط العام المتزايد من منظمات الحقوق المدنية وخبراء الخصوصية قد يجبر الكونجرس على اتخاذ إجراءات. من المهم مراقبة هذه التطورات عن كثب وتقييم تأثيرها على الخصوصية الرقمية والحريات المدنية في الولايات المتحدة.
من المتوقع أن يتم تقديم مقترحات تشريعية جديدة خلال فترة الكونجرس الحالية، ولكن نجاحها غير مضمون. كما أن هناك احتمالًا بأن تتدخل المحاكم لحسم المسألة، خاصةً إذا تم الطعن في قانونية هذه الإجراءات.






