شهد قطاع الأعمال غير النفطي في المملكة العربية السعودية تباطؤًا في وتيرة نموه خلال شهر نوفمبر الماضي، وفقًا لمؤشر مديري المشتريات الصادر عن بنك الرياض و”إس آند بي غلوبال”. أظهر المؤشر انخفاضًا إلى 58.5 نقطة، بعد تسجيله ثاني أعلى مستوى له في أكثر من 11 عامًا في أكتوبر السابق. يظل هذا الرقم، على الرغم من التباطؤ، مؤشرًا على استمرار النمو الاقتصادي القوي في القطاع الخاص غير النفطي.
يأتي هذا التباطؤ في النمو في وقت تشهد فيه المملكة جهودًا حثيثة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، مع التركيز على تطوير القطاعات غير النفطية مثل السياحة والبناء والتصنيع. وتشير البيانات إلى أن الطلب القوي لا يزال المحرك الرئيسي للنمو، لكنه بدأ يظهر بعض الإشارات على التباطؤ. ويعتبر مؤشر مديري المشتريات أداة رئيسية لتقييم صحة القطاع الخاص.
تراجع نمو الأعمال الجديدة في القطاع الخاص غير النفطي
أظهرت بيانات مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات تراجعًا في وتيرة نمو الأعمال الجديدة في القطاع الخاص غير النفطي السعودي خلال شهر نوفمبر. على الرغم من أن المؤشر لا يزال فوق مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش، إلا أن الانخفاض من مستوى أكتوبر يشير إلى أن الزخم بدأ يخفت. ويرجع هذا التباطؤ جزئيًا إلى الظروف الاقتصادية العالمية الأضعف وزيادة المنافسة.
مكونات المؤشر وتفاصيلها
بالإضافة إلى تراجع الأعمال الجديدة، أظهر المؤشر تباطؤًا في معدلات النمو في العمالة ومخزونات مستلزمات الإنتاج. ومع ذلك، ظلت الشركات متفائلة بشأن التوقعات المستقبلية، مدفوعة بتوقع تحسن الطلب وتدفق المشاريع الجديدة. وتشير البيانات إلى أن الشركات لا تزال تزيد من التوظيف، ولكن بوتيرة أبطأ من ذي قبل.
وفقًا لنايف الغيث، الخبير الاقتصادي الأول في بنك الرياض، امتدت سلسلة نمو الطلبات الجديدة لأكثر من 5 سنوات، على الرغم من أن الوتيرة تباطأت قليلاً مقارنة بشهر أكتوبر. كما ارتفعت الطلبات على الصادرات للشهر الرابع على التوالي، ولكن بوتيرة أكثر اعتدالاً. ويعزو الغيث هذا التباطؤ إلى الظروف العالمية الأضعف وزيادة المنافسة في الأسواق الخارجية.
وعلى الرغم من التباطؤ، لا تزال الشركات السعودية تتمتع بمستويات عالية من الثقة في المستقبل. وتشير البيانات إلى أن الشركات تتوقع تحسنًا في الطلب وتدفقًا مستمرًا للمشاريع الجديدة، مما يدعم التفاؤل بشأن النمو المستقبلي. وتساهم هذه الثقة في استمرار الأنشطة الاستثمارية في القطاع غير النفطي.
يرتبط هذا التباطؤ النسبي في القطاع الخاص بظروف اقتصادية عالمية أوسع نطاقاً، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد المخاوف بشأن الركود في بعض الاقتصادات الكبرى. ومع ذلك، فإن المملكة العربية السعودية تتمتع بموقع قوي للاستفادة من ارتفاع أسعار النفط وتنويع اقتصادها، مما قد يساعدها في التغلب على هذه التحديات. وتعتبر الاستثمارات الحكومية الكبيرة في مشاريع رؤية 2030 محركًا رئيسيًا للنمو في القطاع غير النفطي.
من الجدير بالذكر أن قطاع السياحة يمثل أحد أهم محركات النمو في القطاع غير النفطي السعودي. وقد شهد القطاع السياحي نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالاستثمارات الحكومية في تطوير البنية التحتية السياحية وتنويع العروض السياحية. وتشير التوقعات إلى أن القطاع السياحي سيستمر في النمو في السنوات القادمة، مما سيساهم في تعزيز النشاط الاقتصادي بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، يشهد قطاع البناء والتشييد نموًا قويًا في المملكة العربية السعودية، مدفوعًا بالمشاريع الضخمة التي يتم تنفيذها في إطار رؤية 2030. وتشمل هذه المشاريع تطوير المدن الجديدة، وبناء البنية التحتية، وتشييد المساكن. ويساهم قطاع البناء والتشييد بشكل كبير في خلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.
في الختام، على الرغم من التباطؤ الطفيف في وتيرة النمو في شهر نوفمبر، لا يزال القطاع الخاص غير النفطي في المملكة العربية السعودية يشهد نموًا قويًا. من المتوقع أن يستمر هذا النمو في المستقبل، مدفوعًا بالاستثمارات الحكومية، وتنويع الاقتصاد، والتحسن في الطلب. سيستمر بنك الرياض و”إس آند بي غلوبال” في إصدار مؤشر مديري المشتريات شهريًا، مما يوفر رؤى قيمة حول أداء القطاع الخاص غير النفطي. ومن المهم مراقبة التطورات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد السعودي في الأشهر القادمة.



