يُتوقع أن تُظهر البيانات الاقتصادية الرئيسية لمنطقة اليورو، والمقرر صدورها خلال أيام، حالة من الركود في الاقتصاد خلال الربع الثاني، كنتيجة لانتهاء أثر التسريع المسبق لأنشطة التجارة المرتبط بالرسوم الجمركية الذي منح الاقتصاد دفعة مؤقتة مطلع هذا العام.

يتوقع اقتصاديون استطلعت “بلومبرغ” آراءهم أن تُظهر بيانات يوم الأربعاء ثبات الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو، بعد نمو نسبته 0.6% في الربع الأول. وقد جاء هذا الأداء نتيجة لارتفاع مفاجئ في حركة التجارة، ظهر بوضوح في بيانات إيرلندا، قبيل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب المرتقب بشأن فرض رسوم جمركية على الواردات عالمياً.

قالت سيمونا ديلي تشياي، كبيرة اقتصاديي منطقة اليورو لدى “بلومبرغ إيكونوميكس”: “من المرجّح أن يؤدي تلاشي هذا الأثر إلى الضغط على وتيرة النمو.. وهذا التراجع يأتي في ظل بيئة داخلية متباطئة، حيث يعوق ارتفاع انعدام اليقين كلاً من إنفاق الأسر واستثمارات الشركات”.

ضغوط تجارية وتحديات تضخمية

من بين أكبر اقتصادات منطقة اليورو، يُرجّح أن تسجل ألمانيا أضعف أداء اقتصادي، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% مقارنة بالربع السابق. وفي المقابل، يُتوقع أن تحافظ إسبانيا على وتيرة نمو قدرها 0.6%، بينما تشهد كل من فرنسا وإيطاليا نمواً طفيفاً.

رغم أن هذه المؤشرات ستخضع لمراقبة دقيقة، إلا أن مسار الاقتصاد الأوروبي الموحد، الذي يضم 20 دولة، يعتمد بدرجة كبيرة على قدرة الاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة يُجنبه أسوأ السيناريوهات المتعلقة بالرسوم الجمركية التي هدد بها ترمب. وتشير تقارير هذا الأسبوع إلى أن المفاوضات تسير نحو اتفاق يحدد الرسوم الجمركية عند مستوى 15%، وهو ما وصفه رئيس معهد “إيفو” الألماني، كليمنس فويست، بأنه مستوى يمكن للمُصدرين الألمان “التعايش معه”.

اقرأ أيضاً: التضخم في منطقة اليورو يرتفع إلى 2% خلال يونيو موافقاً التوقعات

من جهتها، سلطت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد الضوء على مرونة الاقتصاد، عقب أن قرر صانعو السياسة النقدية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الأولى منذ عام. ورغم اعترافها بأن تسارع النشاط التجاري في بداية العام لعب دوراً في تحسين الأرقام، فقد أكدت أيضاً على وجود مؤشرات على “ارتفاع الاستهلاك والاستثمارات”.

في السياق ذاته، يُنتظر أن تُعزز بيانات التضخم المرتقبة يوم الجمعة ثقة البنك المركزي الأوروبي في أن الأسعار باتت تحت السيطرة. يُتوقع ارتفاع أسعار المستهلك بنسبة 1.9% في يوليو، بانخفاض طفيف عن نسبة 2% المسجلة في يونيو، وهو ما يضعها دون المستوى المستهدف مباشرة. أما معدل التضخم الأساسي، فمن المرجح أن يظل مستقراً عند 2.3%.

اليورو القوي يهدد استقرار الأسعار

يتوقع البنك المركزي الأوروبي أن يبلغ التضخم هدفه المحدد عند 2% على المدى المتوسط، بعد تراجع مطول دون هذا المستوى. إلا أن قوة اليورو تُعد من أبرز التهديدات لهذا السيناريو، إذ قد تؤدي إلى انخفاض إضافي في تكاليف الواردات، مما يقلّل من تنافسية الصادرات.

كذلك، فإن التوصل إلى اتفاق تجاري غير ملائم مع الولايات المتحدة قد يتسبب في مزيد من التباطؤ في وتيرة التضخم، رغم أن حجم التأثير سيعتمد على كيفية تعاطي الاتحاد الأوروبي مع الاتفاق. ويُعول مسؤولو البنك المركزي الأوروبي على اجتماعهم المقبل في سبتمبر للحصول على رؤية أوضح، إذ من المقرر أن تصدر خلاله مجموعة جديدة من التوقعات الاقتصادية التي تتيح تقييماً دقيقاً لتداعيات أي اتفاق محتمل.

وفي مقابلة صحفية نُشرت السبت، قال بييرو سيبولوني، عضو المجلس التنفيذي في البنك المركزي الأوروبي، إن البيانات الاقتصادية تُظهر “إشارات متضاربة”.

وأضاف في حديثه لصحيفة “ديلو” السلوفينية: “في سبتمبر، ولاحقاً هذا العام، سنحصل على مزيد من المعلومات التي سيتم إدراجها ضمن التوقعات الاقتصادية المعدلة”. وتابع: “سيتعين علينا مراقبة تأثير اضطرابات التجارة على الأسعار في منطقة اليورو، بما في ذلك تأثيرها على سلاسل التوريد، وكذلك تحول مسارات التجارة، وهو ما بدأ يؤدي بالفعل إلى زيادة واردات منطقة اليورو من الصين”.

شاركها.