شهدت الأسواق الآسيوية ارتفاعاً ملحوظاً بعد صدور بيانات اقتصادية أمريكية أظهرت تباطؤاً في وتيرة التضخم، مما عزز التوقعات ببدء الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة. يأتي هذا التطور بالتزامن مع حالة من الهدوء النسبي في أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية، مما ساهم في دعم المعنويات العامة في الأسواق. ويتطلع المستثمرون الآن إلى قرار البنك المركزي الياباني بشأن السياسة النقدية المقرر الإعلان عنه يوم الجمعة، والذي قد يؤثر بشكل كبير على حركة الأسواق العالمية.
صعد مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 0.6%، مدفوعاً بشكل أساسي بأداء قوي لأسهم شركات التكنولوجيا الرائدة مثل تايوان سيميكوندكتور مانوفاكتشرينغ وسوفت بنك غروب. تظهر هذه البيانات اهتماماً متزايداً بالأسهم الآسيوية وسط التغيرات في السياسات النقدية العالمية.
توقعات خفض أسعار الفائدة تدعم الأسواق
أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكية الصادرة يوم الخميس تباطؤاً ملحوظاً في التضخم، مما تجاوز تحفظات المتعاملين الأولية المتعلقة بتأثير الإغلاق الحكومي الأخير على دقة الأرقام. ركز المستثمرون على حقيقة أن وتيرة ارتفاع الأسعار قد تباطأت إلى أدنى مستوى لها منذ بداية عام 2021.
عززت هذه القراءة المتراجعة الثقة في توقعات خفض أسعار الفائدة، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية. يقيّم المحللون إمكانية أن يستجيب الاحتياطي الفيدرالي لهذا التباطؤ في التضخم عن طريق تخفيف السياسة النقدية لدعم النمو الاقتصادي.
صرح كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في نورثلايت أسيت مانجمنت، بأن “انخفاض التضخم على أساس شهري يفتح المجال أمام دورة محتملة من خفض أسعار الفائدة لدعم سوق العمل”. وأضاف: “إذا تبنى صانعو السياسات نهجاً متساهلاً، فمن المرجح أن تشهد أسعار الأسهم المزيد من المكاسب، بينما يستمر الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في خضم استمرار الاقتصاد في النمو”.
تأثير بيانات التضخم على توقعات الأسواق
تشير عقود المبادلة إلى احتمال بنحو 20% لخفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل في يناير. ويُظهر التسعير في الأسواق أيضاً توقعات بحدوث تخفيضات في أسعار الفائدة بحلول منتصف عام 2026، مما يعكس تمسك المستثمرين بتوقعاتهم العامة بشأن سياسة الفيدرالي.
ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن بيانات التضخم الأخيرة قد تكون مشوهة بسبب الإغلاق الحكومي، حيث لم يتمكن مكتب إحصاءات العمل من جمع بيانات الأسعار بشكل كامل خلال شهر أكتوبر. يجري الآن جمع البيانات في نوفمبر في وقت متأخر عن المعتاد، مما يثير تساؤلات حول مدى دقة الأرقام الحالية.
تطورات اقتصادية أخرى تؤثر على الأسواق
شهد الين الياباني تراجعاً طفيفاً أمام الدولار الأمريكي، وذلك قبيل صدور قرار بنك اليابان. يتوقع معظم الخبراء أن يرفع البنك المركزي الياباني سعر الفائدة المرجعي إلى أعلى مستوى له منذ ثلاثة عقود، مدفوعاً بالثقة المتزايدة في تحقيق هدف التضخم المستقر.
كتب كايل رودا، كبير المحللين في كابيتال دوت كوم في ملبورن، في مذكرة موجهة إلى العملاء: “التوجيهات التي سيقدمها البنك المركزي الياباني في المؤتمر الصحفي الذي يعقب القرار ستكون هي العامل الحاسم في تحديد رد فعل الأسواق”. وأضاف: “ستعتمد التقلبات المستقبلية على طبيعة الخطوات التالية التي يتخذها البنك، مع بقاء المخاوف بشأن اضطرابات الأسواق التي شهدتها في أغسطس 2024 حاضرة في أذهان المتداولين وصانعي السياسات على حد سواء”.
في المقابل، واجهت أسهم نايكي بعض الضغوط، حيث انخفضت بحوالي 10% في التداول المتأخر بسبب استمرار ضعف الأداء في السوق الصينية. تسلط هذه التطورات الضوء على المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية المستمرة التي تواجه الشركات متعددة الجنسيات.
على صعيد أسواق السلع، يتجه النفط نحو تسجيل ثاني خسارة أسبوعية على التوالي، على الرغم من التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحصار البحري الأمريكي لسفن فنزويلا. يظل العرض العالمي الوفير هو العامل المهيمن على أسعار النفط، كما يتضح من انخفاض خام برنت بأكثر من 2% هذا الأسبوع.
في الوقت نفسه، واصلت المعادن الثمينة جذب الاهتمام، حيث ظل البلاتين يتداول بالقرب من 1930 دولاراً للأونصة، متجهاً نحو تحقيق مكاسب لليوم السابع على التوالي. يعكس هذا الارتفاع تشديد المعروض في سوق لندن، حيث تقوم البنوك بتخزين المعدن في الولايات المتحدة للتحوط من مخاطر الرسوم الجمركية المحتملة.
بشكل عام، من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب قرار بنك اليابان يوم الجمعة، بالإضافة إلى أي بيانات اقتصادية جديدة من الولايات المتحدة والصين. تظل حالة عدم اليقين بشأن مسار التضخم وأداء الاقتصاد العالمي مرتفعة، مما قد يؤدي إلى مزيد من التقلبات في الأسواق المالية. من المهم الإشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيجري تقييمًا شاملاً لبيانات الاقتصاد الكلي قبل اتخاذ أي قرارات بشأن السياسة النقدية.






