لم تكن الفلسطينية خولة الطلاع تتوقع أن سنوات علاجها لـالقرنية المخروطية ستتوقف بسبب الحرب الدائرة في قطاع غزة. فمع تدمير المستشفيات وتعطيل إمدادات الأدوية والمعدات الطبية، يواجه آلاف المرضى في غزة صعوبات جمة في الحصول على الرعاية اللازمة، مما يهدد بآثار صحية وخيمة.
تعاني خولة (41 عامًا) من هذا المرض منذ عام 2008، وكانت على وشك إجراء عملية زراعة قرنية ثانية عندما بدأت الحرب. لكن الوضع تغير جذريًا، وأصبح العلاج المستمر والضروري بعيد المنال.
تدهور الوضع الصحي بسبب الحرب
خلال العامين الماضيين، تكبد القطاع الصحي في غزة خسائر فادحة نتيجة القصف المستمر والتدمير الممنهج للبنية التحتية. ووفقًا لبيانات مكتب الإعلام الحكومي، خرج 34 مستشفى و80 مركزًا صحيًا عن الخدمة، بالإضافة إلى تدمير 132 مركبة إسعاف.
على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، إلا أن الوضع لا يزال هشًا. تشير التقارير الفلسطينية إلى استمرار إسرائيل في خرق الاتفاق من خلال عمليات القصف، وتدمير المنازل، وتقييد دخول المساعدات الإنسانية والطبية.
معاناة مرضى القرنية المخروطية
تصف خولة معاناتها قائلة: “لا أرى بشكل جيد، وكل شيء صعب. الشمس والغبار والنار تؤثر على عينيّ. حتى القصف للمنازل المجاورة يسبب لي تشويشًا في الرؤية.” وتؤكد على أهمية استمرار العلاج وتوفير الدعم اللازم للمرضى.
يشرح الدكتور علي حجازي، اختصاصي طب وجراحة العيون في مستشفى شهداء الأقصى، أن القرنية المخروطية مرض تدريجي يتطلب تشخيصًا مبكرًا وعلاجًا مستمرًا. ويقول: “قبل الحرب، كان لدينا برنامج ناجح لزراعة القرنيات، لكن كل شيء توقف الآن.”
ويضيف الدكتور حجازي أن نقص الأجهزة الطبية والأدوية، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، تفاقم الوضع بالنسبة لمرضى القرنية المخروطية وغيرهم من المرضى الذين يحتاجون إلى علاج متخصص. كما أن عدم القدرة على السفر للعلاج في الخارج يزيد من المعاناة.
تحديات تواجه النظام الصحي في غزة
لم يقتصر تأثير الحرب على مرضى القرنية المخروطية فحسب، بل امتد ليشمل جميع جوانب النظام الصحي في غزة. فقد أدى تدمير المستشفيات والمراكز الصحية إلى نقص حاد في الأسرة والمعدات الطبية والموظفين.
بالإضافة إلى ذلك، أدت موجات النزوح الكبيرة إلى زيادة الضغط على المرافق الصحية المتبقية. ويقول مسؤول قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى شهداء الأقصى، محمد ريان: “نستقبل كل يوم حالات فقدت الأمل لأنها لا تستطيع تلقي العلاج داخل أو خارج غزة.”
ويشير ريان إلى أن غزة كانت تعتمد على الأطباء والأجهزة المحلية لعلاج الأمراض مثل القرنية المخروطية، لكن الحرب دمرت كل شيء. ويؤكد على الحاجة الماسة إلى دعم دولي لإعادة بناء النظام الصحي وتوفير الرعاية اللازمة للمرضى.
الآفاق المستقبلية
مع استمرار التحديات التي تواجه القطاع الصحي في غزة، يبقى مستقبل العلاج لمرضى القرنية المخروطية وغيرهم من المرضى غير واضح. تعتمد إمكانية استئناف الخدمات الصحية بشكل كامل على التوصل إلى حل دائم للصراع وتوفير الموارد اللازمة لإعادة الإعمار.
في الوقت الحالي، تركز الجهود على توفير المساعدات الإنسانية الطارئة وتلبية الاحتياجات الأساسية للمرضى. ومع ذلك، هناك حاجة إلى استراتيجية طويلة الأجل لإعادة بناء النظام الصحي وضمان حصول جميع الفلسطينيين على الرعاية الصحية التي يستحقونها. من المتوقع أن يناقش مجلس الأمن الدولي الوضع في غزة في اجتماع قادم، وقد تتضمن المناقشات سبل دعم القطاع الصحي وتوفير المساعدات الطبية اللازمة.






