أفشلت السلطات البولندية مؤخرًا مخططًا إرهابيًا محتملًا يستهدف أسواق عيد الميلاد، وذلك بعد توجيه اتهامات لطالب جامعي يُشتبه في أنه كان يعد لهجوم انتحاري واسع النطاق. يأتي هذا التطور في ظل حالة تأهب أمني متزايدة في أوروبا، خاصة بعد إطلاق النار المروع في سيدني الذي استهدف تجمعًا يهوديًا خلال احتفالات عيد الأنوار. وتتخذ دول أوروبية أخرى إجراءات مماثلة لتعزيز الأمن خلال فترة الأعياد.
وقد ألقت السلطات البولندية القبض على المشتبه به، الذي يُعرف باسم ماتيوش و. ويبلغ من العمر 19 عامًا، في أواخر شهر نوفمبر في مدينة لوبلين. ووفقًا للمتحدث باسم منسق وزير الخدمات الخاصة، ياكيك دوبزينسكي، فإن التحقيقات تشير إلى أن الشاب كان يدرس طرق تصنيع المتفجرات وكان يعتزم الانضمام إلى منظمة إرهابية للمساعدة في تنفيذ الهجوم.
تعزيز الإجراءات الأمنية في أسواق عيد الميلاد الأوروبية
تأتي هذه الحادثة في أعقاب سلسلة من التهديدات الإرهابية التي استهدفت فعاليات مماثلة في أوروبا. وقد أعلنت السلطات الألمانية عن اعتقال خمسة أفراد في بافاريا للاشتباه في استعدادهم لشن هجوم على أحد أسواق عيد الميلاد. وذكرت تقارير إخبارية أن أحد المعتقلين، وهو مواطن مصري، كان يدعو إلى العنف خلال التجمعات في أحد المساجد المحلية.
وفي المملكة المتحدة، كثفت السلطات من الدوريات المسلحة وزادت من حملات التوعية العامة في لندن والمدن الكبرى الأخرى. وأشار نائب مساعد المفوض جون سافيل إلى أن الهجوم الذي وقع في سيدني يوضح أن التجمعات الدينية والثقافية قد تكون أهدافًا للإرهابيين. وأضاف أن أسواق عيد الميلاد والخدمات الدينية تعتبر من بين الأماكن المحتملة التي قد تستهدفها الهجمات.
تطورات مماثلة في الولايات المتحدة
بالتزامن مع هذه التطورات، أعلنت السلطات الأمريكية عن إحباط مخطط إرهابي محتمل كان يستهدف احتفالات رأس السنة في جنوب كاليفورنيا. وتم اعتقال أربعة أفراد يُشتبه في أنهم أعضاء في مجموعة متطرفة مناهضة للرأسمالية والحكومة، بعد الاشتباه في قيامهم بتدريب على تنفيذ تفجيرات منسقة ضد مواقع مرتبطة بشركتين أمريكيتين.
وتأتي هذه الإجراءات الأمنية المشددة في أعقاب سنوات شهدت هجمات إرهابية استهدفت أسواق عيد الميلاد في عدة دول أوروبية. ففي عام 2016، قتل تونسي متطرف 12 شخصًا وأصاب العشرات في سوق عيد الميلاد في برلين. وفي عام 2017، أصيب العديد من الأشخاص في هجوم مماثل في ستراسبورغ بفرنسا.
وتشير التحليلات إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لا يزال يشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا، على الرغم من الهزائم التي مني بها في السنوات الأخيرة. وقد دعا التنظيم أنصاره إلى شن هجمات في الغرب، مستهدفين التجمعات العامة والفعاليات الدينية والثقافية. بالإضافة إلى ذلك، يثير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مخاوف متزايدة من تصاعد العنف وتأثيره على الأمن الأوروبي.
وتعتمد الاستراتيجيات الأمنية المتبعة في هذه الدول على عدة عناصر، بما في ذلك زيادة المراقبة، وتعزيز التعاون الاستخباراتي، وتوفير تدريب متخصص للقوات الأمنية. كما يتم تشجيع الجمهور على الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه. وتُعد هذه الإجراءات جزءًا من جهود أوسع نطاقًا لمكافحة الإرهاب وحماية المدنيين.
التهديد الإرهابي يتطلب يقظة مستمرة وتنسيقًا دوليًا فعالًا. وتعتبر أسواق عيد الميلاد، نظرًا لشعبيتها وتجمعاتها الكبيرة، من بين الأهداف الأكثر عرضة للخطر. ولهذا السبب، تولي السلطات الأوروبية أهمية قصوى لتأمين هذه الفعاليات خلال فترة الأعياد.
من المتوقع أن تستمر السلطات في تقييم التهديدات الأمنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المواطنين والزوار. وسيتم التركيز بشكل خاص على مراقبة الأفراد المشتبه بهم وتتبع التحركات الإرهابية المحتملة. كما سيتم تعزيز التعاون مع الدول الأخرى لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الجهود الأمنية. ومن المرجح أن يتم الإعلان عن المزيد من الإجراءات الأمنية في الأيام والأسابيع القادمة، مع استمرار التحقيقات في هذه القضايا.






