أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته بمناسبة العام الجديد على عدم تراجع روسيا في أوكرانيا، موجهاً رسالة واضحة إلى الغرب وقواته. وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي تقترب من عامها الرابع، وتصاعد الجهود الدبلوماسية الدولية لإيجاد حل سلمي. وتعتبر هذه الحرب من أبرز التحديات الأمنية والجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً.
تصعيد بوتين في الخطاب وتأكيد على الاستمرار في الحرب في أوكرانيا
ألقى بوتين كلمته بمناسبة حلول العام الجديد في المناطق الشرقية من روسيا، حيث تعهد بالنصر في الحرب التي وصفها بأنها صراع من أجل بقاء الأمة. وأشاد بالجنود والضباط الروس، ووعدهم بدعم مستمر لما تسميه موسكو “العملية العسكرية الخاصة”. يأتي هذا في وقت تشهد فيه الحرب تطورات متسارعة وتكثيفاً للقتال في عدة جبهات.
وفقاً للكرملين، فإن بوتين يرى في هذه الحرب دفاعاً عن “الحقيقة والعدالة” و”الوطن الأم”. وقد صرح ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بأن النصر في أوكرانيا “قريب”، معرباً عن ثقته في “روسيا العظيمة التي لا تقهر”.
معالم بارزة في الصراع
تشير التقديرات إلى أن الحرب قد تتجاوز في 12 يناير المدة التي استغرقتها الحرب السوفيتية ضد ألمانيا النازية في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، وهي 1418 يوماً. كما ستدخل الحرب عامها الرابع في 24 فبراير. وتقدر المصادر الغربية عدد القتلى والجرحى بأكثر من مليون شخص، وهو رقم ترفضه موسكو.
ومع ذلك، تزامنت هذه الخطابات التصعيدية مع جهود دبلوماسية متجددة تقودها الولايات المتحدة. فقد التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع مارالاغو في فلوريدا يوم الأحد الماضي، في إطار سعي البيت الأبيض لإيجاد مسارات لإنهاء الحرب.
أفاد ترامب بعد اللقاء بأن أوكرانيا وروسيا “أقرب من أي وقت مضى” إلى السلام، معترفاً في الوقت نفسه بوجود عقبات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالنزاعات الإقليمية. وذكرت وكالة رويترز أن ترامب وزيلينسكي ناقشا احتمال مشاركة قوات أمريكية كجزء من ضمانات أمنية أوسع، دون الإعلان عن أي قرارات نهائية.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل الجهود الدبلوماسية الحالية محادثات غير مباشرة بين موسكو وكييف بوساطة دول أخرى، مثل تركيا والسعودية. وتركز هذه المحادثات على تبادل الأسرى، وتخفيف التوترات في المناطق المتنازع عليها، وإيجاد أساس لمفاوضات سلام شاملة.
الوضع الإنساني والاقتصادي في أوكرانيا
تتسبب الحرب في أوكرانيا بمعاناة إنسانية كبيرة، حيث نزح الملايين من الأشخاص عن ديارهم، وتدمرت البنية التحتية، وتعطلت الخدمات الأساسية. وتواجه أوكرانيا تحديات اقتصادية هائلة، حيث انكمش اقتصادها بشكل كبير، وارتفعت معدلات البطالة، وتفاقمت الديون الخارجية. وتعتمد أوكرانيا بشكل كبير على المساعدات المالية والإنسانية من الدول الغربية.
تأثرت روسيا أيضاً بالحرب، حيث فرضت عليها الدول الغربية عقوبات اقتصادية واسعة النطاق. وقد أدت هذه العقوبات إلى انخفاض قيمة الروبل، وارتفاع معدلات التضخم، وتقييد الوصول إلى التكنولوجيا والأسواق العالمية. ومع ذلك، تسعى روسيا إلى تعزيز علاقاتها التجارية مع دول أخرى، مثل الصين والهند.
تعتبر قضية شبه جزيرة القرم والمنطقة الشرقية من أوكرانيا (دونباس) من القضايا الرئيسية العالقة في الصراع. تطالب روسيا بالاعتراف بسيادتها على القرم، وبتوسيع نطاق السيطرة الروسية في دونباس. بينما تصر أوكرانيا على استعادة سيطرتها على جميع أراضيها المعترف بها دولياً. هذه الخلافات الجوهرية تعقد عملية التوصل إلى حل سلمي.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية في الأسابيع المقبلة، مع التركيز على إيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في إنهاء الحرب. ويجب مراقبة التطورات على الأرض، وردود الفعل من كلا الجانبين، ومواقف الدول الفاعلة الأخرى في المنطقة.
الوضع في أوكرانيا لا يزال متقلباً، والحلول الدبلوماسية تواجه تحديات كبيرة. من الضروري متابعة التطورات عن كثب، وتقييم المخاطر والفرص المحتملة، والعمل على دعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. كما يجب التركيز على تقديم المساعدة الإنسانية للمتضررين من الحرب، والعمل على إعادة بناء أوكرانيا بعد انتهاء الصراع.






