أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن اهتمامه بخطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كنقطة انطلاق للمفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات بين أوكرانيا وروسيا. يأتي هذا الإعلان في وقت تتزايد فيه الجهود الدولية لإيجاد حل سلمي للصراع، وتتضمن هذه الجهود مشاركة مسؤولين أمريكيين وسعيًا أوروبيًا متزايدًا للدخول في العملية. هذا التطور يضع الضوء على مستقبل السلام في أوكرانيا، والمساعي المبذولة لإنهاء القتال.
بوتين يبدي انفتاحًا على خطة ترامب للسلام في أوكرانيا
صرح بوتين بأنه “يجب الجلوس والتحدث في هذا الأمر بجدية”، مؤكدًا على أهمية كل كلمة في أي مفاوضات محتملة، وذلك في ختام زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى قيرغيزستان، وفقًا لتقرير وكالة أسوشيتد برس. واصفًا الخطة الأمريكية بأنها “مجموعة من القضايا المطروحة للنقاش” بدلًا من اتفاقية مسودة جاهزة، إلا أنه أعرب عن رغبته في دراستها بعناية.
شروط روسيا للسلام
شدد بوتين على أن وقف إطلاق النار يتوقف على انسحاب القوات الأوكرانية من جميع الأراضي التي تحتلها، مشيرًا إلى أنه في حال عدم حدوث ذلك، ستضطر روسيا إلى تحقيق هذا الانسحاب بالقوة. تتضمن الشروط الروسية أيضًا عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعدم استضافة أي قوات غربية، مما يسمح لموسكو باستعادة نفوذها التدريجي في البلاد. هذه الشروط تثير تساؤلات حول مدى واقعية التوصل إلى اتفاق مقبول للطرفين.
في المقابل، يرى البعض أن هذه التصريحات الروسية ما هي إلا محاولة لكسب الوقت وتضليل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. جاري كاسباروف، بطل العالم السابق في الشطرنج والمعارض البارز لبوتين، صرح لشبكة TVP البولندية الدولية أن “السلام تحت حكم بوتين أمر غير قابل للتحقيق، ببساطة لأن بوتين هو الحرب، وروسيا تستعد لمزيد من التصعيد”. وأضاف كاسباروف انتقاداته لحلف الناتو وترامب والاتحاد الأوروبي لعدم دفاعهم بشكل كاف عن أوكرانيا.
تقييمات متباينة حول فرص تحقيق السلام
هناك تباين في الآراء حول مدى جدية بوادر التقارب هذه. فمن جهة، هناك من يستبشر بوجود فرصة حقيقية لإنهاء الصراع، خاصة مع بدء جهود دبلوماسية مكثفة. ومن جهة أخرى، يرى خبراء آخرون أن بوتين قد لا يكون مستعدًا للتنازل عن موقفه، وأن الحرب قد تستمر لفترة أطول.
وفقًا لمعهد دراسة الحرب، فإن الادعاءات الروسية بتحقيق نصر ساحق في أوكرانيا لا تزال موضع شك، حيث تواصل القوات الروسية مواجهة صعوبات في السيطرة على المدن في منطقة دونيتسك الشرقية. وأشار المعهد إلى أن التقدم الروسي الأخير كان محدودًا واستغلاليًا للظروف الجوية الموسمية.
بالتزامن مع ذلك، من المقرر أن يقوم المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف بزيارة موسكو الأسبوع المقبل، في حين يُتوقع أن يتوجه وزير الجيش الأمريكي دان دريسكول إلى كييف.
ردود الفعل الأمريكية
أعرب النائب الجمهوري آندي بار عن رأيه في أن هذا الوضع يؤكد الحاجة إلى قيادة أمريكية قوية. وأضاف في تصريح لشبكة فوكس نيوز الرقمية: “غزت روسيا أوكرانيا لأن جو بايدن كان أضعف رئيس في تاريخ أمريكا”. كما أشاد بار بـ “قيادة ترامب القائمة على القوة” التي وصفها بأنها “حافظت على بوتين تحت السيطرة الكاملة” وأن “هذه الحرب لم تكن لتحدث تحت إشرافه”.
الخطة الأمريكية الأولية للسلام تعرضت لانتقادات بسبب ميلها نحو تلبية المطالب الروسية، إلا أن نسخة معدلة ظهرت بعد محادثات جنيف الأحد الماضي بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين. وفي الوقت نفسه، تسعى القوى الأوروبية التي شعرت بالهوامش إلى زيادة دورها في هذه العملية، خوفًا من تداعيات التصعيد الروسي على أمنهم.
يتوقع أن تستمر المفاوضات خلال الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على الشروط الروسية المتعلقة بانسحاب القوات الأوكرانية ووضع أوكرانيا المستقبلي. ومع ذلك، يبقى تحقيق السلام المستدام أمرًا معقدًا وغير مضمون، ويتطلب تنازلات متبادلة وثقة مفقودة بين الأطراف المتنازعة. من الأهمية بمكان مراقبة تطورات الوضع على الأرض، وردود فعل القوى الإقليمية والدولية، وأي خروقات محتملة لوقف إطلاق النار.
بالإضافة إلى ذلك، يجب متابعة خطوات المفاوضات، والتوصل إلى اتفاقيات أو تفاهمات جديدة، بما في ذلك أي ضمانات أمنية قد يتم تقديمها لأوكرانيا. وتعكس هذه الجهود حالة عدم اليقين المحيطة بـالأزمة الأوكرانية، وأهمية إيجاد حل سياسي يجنب المزيد من الخسائر والمعاناة. وتظل المفاوضات الدبلوماسية، بالإضافة إلى الجهد العسكري المستمر، هما السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع بشكل دائم.






