أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداده لمناقشة سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا، وسط جهود دولية مكثفة للوصول إلى تسوية. يأتي هذا التصريح في وقت تواصل فيه الأطراف المعنية البحث عن أرضية مشتركة في خطة سلام، على الرغم من رفض موسكو لبعض التعديلات التي اقترحتها كييف والدول الغربية. وتعتبر قضية خطة السلام في أوكرانيا محوراً رئيسياً للمحادثات الدبلوماسية الجارية.
وصرح بوتين بأنه كان “متفقاً عملياً” على مقترحات لإنهاء الصراع تم طرحها خلال اجتماع سابق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأكد أن اللوم في استمرار الحرب يقع على عاتق “خصومه في الغرب”، وعلى رأسهم قادة أوكرانيا وأوروبا. يأتي هذا في أعقاب أسابيع من المفاوضات المعقدة التي تهدف إلى بلورة اتفاق ينهي القتال.
مفاوضات مكثفة حول خطة السلام في أوكرانيا
تجري حالياً مفاوضات مكثفة بشأن خطة سلام من 28 نقطة، ظهرت بعد محادثات بين المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف ومستشار الكرملين كيريل ديميترييف. أثارت الخطة الأولية ردود فعل قوية في أوكرانيا وأوروبا نظراً لاحتوائها على مقترحات كانت تعتبر مواتية لموسكو.
لاحقاً، تم إجراء تعديلات على بعض النقاط الأكثر حساسية في الخطة بعد تدخل من كييف والدول الأوروبية. ومع ذلك، لم يوضح بوتين ما إذا كان مستعداً لقبول الخطة بتعديلاتها الحالية. من المتوقع أن يجتمع المفاوضون الأوكرانيون والروس بشكل منفصل مع مسؤولين أمريكيين في فلوريدا خلال نهاية الأسبوع الحالي لمواصلة المناقشات، بما في ذلك الضمانات الأمنية لأوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب.
وتشير التقارير إلى أن الرئيس ترامب قد “بذل جهوداً جادة لإنهاء هذا الصراع”، وأن بوتين يرى ضرورة لتحقيق السلام في العام المقبل. إلا أن الرئيس الروسي لا يزال متمسكاً بمطالب رئيسية تتعلق بالسيطرة على أراضٍ في شرق وجنوب أوكرانيا، وهي المطالب التي لم تحققها القوات الروسية بالكامل حتى الآن.
الدعم الأوروبي لأوكرانيا
في غضون ذلك، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مؤخراً على تقديم حزمة قروض لأوكرانيا بقيمة 90 مليار يورو على مدى العامين القادمين. يهدف هذا الدعم المالي إلى تعزيز موقف كييف التفاوضي ومساعدتها على تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها نتيجة الحرب.
تم توفير هذا التمويل من خلال إصدار ديون مشتركة مدعومة من ميزانية الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل تحولاً كبيراً عن الخطة الأولية التي كانت تعتمد على استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا. هذا القرار يعكس التزام الدول الأوروبية بدعم أوكرانيا في مواجهة التحديات.
الوضع الاقتصادي الروسي والعقوبات
على الرغم من أن الاقتصاد الروسي لم يشهد الانهيار الذي توقعته بعض الأطراف، إلا أنه يعاني من آثار العقوبات الغربية غير المسبوقة المفروضة ردًا على الغزو. فقد استنزفت روسيا أكثر من نصف احتياطياتها من العملات الأجنبية، وتشهد عجزاً متزايداً في الميزانية، بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض إيراداتها من السلع الأساسية مثل النفط والغاز.
وفي محاولة لتمويل الحرب ومعالجة العجز في الميزانية، لجأت الحكومة الروسية إلى الاقتراض الداخلي المكلف. وبلغ حجم السندات الحكومية الروسية المقومة بالروبل التي تم إصدارها هذا العام 7.9 تريليون روبل، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي تم تسجيله في عام 2020 أثناء جائحة كوفيد-19.
يُذكر أن هذه هي المرة الثالثة التي يعقد فيها بوتين مؤتمره الصحفي السنوي منذ بدء الحرب في أوكرانيا. وكان الكرملين قد ألغى هذا الحدث في عام 2022 بعد سلسلة من الانتكاسات التي مني بها الجيش الروسي في أوكرانيا. هذه المؤتمرات الصحفية تعتبر تقليداً راسخاً خلال فترة حكم بوتين الطويلة.
في الختام، يبقى مستقبل المفاوضات حول خطة السلام في أوكرانيا غير واضحاً. من المتوقع أن تستمر المحادثات في الأيام والأسابيع القادمة، مع التركيز على إيجاد حلول للمطالب الروسية والأوكرانية. من بين الأمور التي يجب مراقبتها عن كثب، مدى استعداد الأطراف لتقديم تنازلات، وتطورات الوضع الاقتصادي في روسيا، واستمرار الدعم الغربي لأوكرانيا. يبقى التوصل إلى اتفاق سلام شاملاً ومستدام تحديًا كبيراً يتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة.






