يحذر خبراء اقتصاديون من أن الدولار الأمريكي قد يواجه سلسلة من الضغوط السلبية خلال الأسابيع القادمة، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضعف في قيمته. وتأتي هذه التحذيرات في وقت يشهد فيه الدولار بالفعل تقلبات، ويواجه تحديات من عوامل اقتصادية وسياسية متعددة. وتشمل هذه العوامل احتمالية صدور أحكام قضائية بشأن الرسوم الجمركية، وتغييرات محتملة في قيادة الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى تحركات متوقعة في السياسة النقدية اليابانية.
وتشير التوقعات إلى أن هذه العوامل مجتمعة قد تشكل ما يصفه بعض المحللين بـ “الضربة الثلاثية” التي تزعزع استقرار الدولار الأمريكي. يأتي هذا في ظل تراجع السيولة في الأسواق مع اقتراب نهاية العام، وهي فترة تاريخية تشهد عادةً فتورًا في تداولات العملات.
تحذيرات متزايدة بشأن مستقبل الدولار الأمريكي
وفقًا لـ “ستاندرد بنك”، فإن الحكم المحتمل من المحكمة العليا الأمريكية بإلغاء الرسوم الجمركية قد يؤثر سلبًا على الدولار. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال تولي كيفن هاسيت، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس السابق دونالد ترامب، منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي يثير قلقًا بشأن توجهات السياسة النقدية المستقبلية.
وتشير التقارير إلى أن هاسيت يُنظر إليه على نطاق واسع كمؤيد لخفض أسعار الفائدة بشكل كبير، وهو ما قد يدفع الأسواق إلى توقع المزيد من التخفيضات في المستقبل القريب. هذا التوقع بحد ذاته قد يضعف الدولار الأمريكي.
الين الياباني يمثل عامل ضغط إضافي. يتوقع “ستاندرد بنك” و”دويتشه بنك” أن أي رفع لأسعار الفائدة في اليابان، وهو أمر يراهن عليه المستثمرون حاليًا، قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في قيمة الين، خاصةً مقابل الدولار. وقد رفعت الأسواق بالفعل توقعاتها لزيادة محتملة في أسعار الفائدة اليابانية بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر.
توقعات بانخفاض الدولار في ديسمبر
يرى تيم بيكر، استراتيجي الاقتصاد الكلي في “دويتشه بنك”، أن شهر ديسمبر كان تاريخيًا “الشهر الأسوأ بالنسبة للدولار” خلال العقد الماضي. ويعزو ذلك إلى ميل المتداولين إلى بيع الدولار لتحقيق التوازن مع الأرباح التي حققوها من الأصول الأمريكية الأخرى على مدار العام.
ويضيف بيكر أن التشديد المحتمل في السياسة النقدية من قبل بنك اليابان، بالإضافة إلى أي مفاجآت اقتصادية خارج الولايات المتحدة، قد يعكس الاتجاه الصعودي الأخير للدولار. ويتوقع “دويتشه بنك” أن ينخفض الدولار الأمريكي بنسبة 2% خلال شهر ديسمبر، ليصل إلى مستويات مماثلة لتلك التي سجلها في الربع الثالث من العام.
في المقابل، يشير ستيفن بارو، رئيس استراتيجية مجموعة العشر في “ستاندرد بنك”، إلى أن تداولات العملات عادة ما تشهد فتورًا في نهاية العام بسبب انخفاض السيولة. ومع ذلك، يؤكد أنه سيكون من الصعب تجاهل تأثير الحكم بإلغاء الرسوم الجمركية على قيمة الدولار.
تأثير التغييرات المحتملة في الاحتياطي الفيدرالي
يضيف فان لو، رئيس العملات العالمية في “راسل إنفستمنتس”، أن السوق تتجه نحو توقع أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي قد تصبح أكثر ميلاً نحو التيسير النقدي في حال تولي كيفن هاسيت رئاسة البنك المركزي. ويعتقد أن هذا التغيير قد يؤدي إلى مزيد من الضعف في الدولار الأمريكي، وربما يتجاوز أدنى مستوى له أمام اليورو هذا العام.
السياسة النقدية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد قيمة العملات. أي تحول في السياسة النقدية الأمريكية أو اليابانية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مسار الدولار والين.
البيانات الاقتصادية هي أيضًا عامل مهم يجب مراقبته. أي تحسن في البيانات الاقتصادية في دول أخرى قد يزيد من الضغط على الدولار، في حين أن أي ضعف في الاقتصاد الأمريكي قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في قيمته.
في الختام، يواجه الدولار الأمريكي مجموعة من التحديات التي قد تؤدي إلى مزيد من الضعف في قيمته خلال الأسابيع والأشهر القادمة. من المتوقع أن تشهد الأسواق تقلبات مع صدور الأحكام القضائية بشأن الرسوم الجمركية، واتخاذ قرارات بشأن قيادة الاحتياطي الفيدرالي، وتطورات السياسة النقدية في اليابان. يجب على المستثمرين مراقبة هذه التطورات عن كثب لتقييم المخاطر والفرص المحتملة.






