عززت منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” إنتاجها من الخام خلال الشهر الماضي، في وقت تُواصل المجموعة وحلفاؤها إعادة ضخ الإمدادات المتوقفة إلى الأسواق، وفقاً لمسح أجرته “بلومبرغ”.
وأظهر المسح أن “أوبك” رفعت إنتاجها بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وهو ما يعادل تقريباً الكمية المخطط لها، ليصل إلى 28.55 مليون برميل يومياً. وجاء أكثر من نصف هذه الزيادة من السعودية، زعيمة المجموعة.
سرّعت المنظمة وشركاؤها في الأشهر الأخيرة من وتيرة إعادة ضخ الإنتاج المتوقف، في محاولة لاستعادة حصتهم في السوق العالمية. وحتى الآن، لم تُحدث هذه الكميات الإضافية من النفط سوى ضغط طفيف على أسعار النفط، غير أنها تهدد بإحداث فائض في المعروض خلال الأشهر المقبلة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
أسعار النفط تتراجع
انخفضت أسعار العقود الآجلة لخام “برنت”، وهو المعيار العالمي، بنسبة 9% منذ بداية العام، وتُتداول حالياً قرب مستوى 68 دولاراً للبرميل في لندن. وبينما يوفر هذا التراجع بعض الراحة للمستهلكين ويُعتبر مكسباً للرئيس الأميركي دونالد ترمب، فإنه يمثل تحدياً مالياً للمنتجين، مثل السعودية التي تواجه عجزاً في الميزانية، بالإضافة إلى صناعة النفط الصخري في أميركا.
اقرأ أيضاً: خافيير بلاس: رغم كل شيء ما زال ارتفاع أسعار النفط بعيد المنال
أظهر المسح أن الرياض رفعت إنتاجها بمقدار 230 ألف برميل يومياً في أغسطس، ليصل إلى 9.6 مليون برميل يومياً. ورغم أن هذه كانت أكبر زيادة بين الدول الـ12 الأعضاء في “أوبك”، إلا أنها ظلت دون مستوى 9.756 مليون برميل يومياً المسموح به للمملكة بموجب اتفاق التحالف.
وانخفضت صادرات السعودية من النفط الخام إلى 5.83 مليون برميل يومياً، وفقاً لبيانات تتبع السفن التي جمعتها “بلومبرغ”. ويشهد الاستهلاك المحلي عادة ارتفاعاً خلال أشهر الصيف لتلبية الطلب المتزايد على التكييف.
العراق يتجاوز حصته
شهد إنتاج المملكة تقلبات خلال الأشهر الماضية، إذ قفز في يونيو بعد أن حولت الرياض إمدادات النفط إلى ما وراء الخليج العربي خلال الصراع بين إسرائيل وإيران، قبل أن يتراجع بشكل حاد في الشهر التالي. وقد تمّ تخفيض تقديرات “بلومبرغ” لشهر يوليو.
سجل العراق ثاني أكبر زيادة في الإنتاج خلال أغسطس، إذ رفع إنتاجه بمقدار 120 ألف برميل يومياً ليصل إلى 4.28 مليون برميل يومياً، بحسب المسح. وهذا يزيد بنحو 109 آلاف برميل عن الحصة المسموحة له ضمن اتفاق “أوبك+”، مما يُشير إلى أن بغداد لم تلتزم بالتخفيضات الإضافية التي تعهدت بها كتعويض عن فائض الإنتاج السابق. ومنذ فترة طويلة يواجه العراق صعوبة في الالتزام بقيود “أوبك+” في ظل سعيه لإعادة بناء اقتصاده المنهك.
طالع أيضاً: لأول مرة هذا العام.. “أوبك” ترفع توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2026
وبالنسبة للدول الخمس الأعضاء في “أوبك” والتي تشارك في ما يُعرف بالتخفيضات الطوعية، بلغ متوسط الإنتاج خلال الشهر الماضي 20.87 مليون برميل يومياً، أي بزيادة تقارب 205 آلاف برميل عن الهدف الجماعي المتفق عليه، دون احتساب التعهدات التعويضية.
مراجعة محتملة للإمدادات المجمدة
بالاشتراك مع 3 دول من تحالف “أوبك+” الأوسع، اتفقت الدول الثماني خلال الشهر الماضي على زيادة قدرها 547 ألف برميل يومياً لشهر سبتمبر، وهي الخطوة التي ستكمل إعادة 2.2 مليون برميل يومياً من الإمدادات التي ظلت متوقفة منذ عام 2023.
ومن المقرر أن تعقد المجموعة مؤتمراً عبر الفيديو يوم الأحد لتقييم أوضاع السوق العالمية، وقد تراجع أيضاً إمكانية إعادة ضخ كمية أخرى من الإمدادات المتوقفة، والتي تبلغ 1.66 مليون برميل يومياً، والمقرر أن تبقى خارج السوق حتى نهاية 2026.
ألمح المسؤولون إلى أن الخطوة التالية قد تكون إما التوقف مؤقتاً، أو إجراء زيادة جديدة في الإنتاج، أو حتى التراجع عن الزيادات الأخيرة، وذلك اعتماداً على ظروف السوق. وكانت أسعار عقود برنت تراجعت 1.9% يوم الأربعاء بعد أن أفادت “رويترز” بأن المجموعة ستدرس إمكانية إجراء زيادة أخرى في الإنتاج.
توقّع غالبية المتداولين والمحللين الذين شملهم مسح “بلومبرغ” في وقت سابق من هذا الأسبوع أن يتريث “أوبك+” قبل أن ينتقل إلى ضخ الكمية المتبقية البالغة 1.66 مليون برميل يومياً. وكان ممثلو الدول قد أشاروا في يوليو إلى أنهم يفكرون في إجراء تعليق مؤقت للزيادات، نظراً لهشاشة الأسواق العالمية.
يستند مسح “بلومبرغ” للإنتاج إلى بيانات تتبع السفن، ومعلومات من مسؤولين، وتقديرات من شركات الاستشارات “رابيدان إنرجي غروب” (Rapidan Energy Group)، و”إف جي إي” (FGE)، و”كيبلر” (Kpler)، و”ريستاد إنرجي” (Rystad Energy).