شهدت بلغاريا احتجاجات واسعة النطاق في العاصمة صوفيا ومدن أخرى، مما دفع الحكومة إلى سحب مشروع ميزانية عام 2026 المثير للجدل. وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من المظاهرات الحاشدة التي قادها بشكل رئيسي الشباب البلغاري، الذين يعبرون عن قلقهم بشأن الفساد المستشري وتأثير الميزانية على استعداد البلاد للانضمام إلى منطقة اليورو في أوائل عام 2026. وتعتبر ميزانية بلغاريا نقطة خلاف رئيسية في المشهد السياسي الحالي.

الاحتجاجات الشعبية تؤدي إلى سحب مشروع ميزانية بلغاريا

تصاعدت الاحتجاجات في بلغاريا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم لمشروع الميزانية المقترح. يرى المحتجون أن الميزانية لا تعالج قضايا الفساد المتعمقة، بل تعتمد على زيادة الضرائب والمساهمات الاجتماعية، مما قد يضر بالاقتصاد البلغاري قبل انضمامه إلى منطقة اليورو.

صرح دانيال لورير، عضو البرلمان البلغاري، بأن “جيل زد نزل إلى الشوارع لأنهم يريدون البقاء في بلغاريا، لكنهم يريدون بلغاريا متجددة ومختلفة وخالية من الفساد”. وأضاف أن الحكومة رفضت الاستماع إلى المطالب بالإصلاح، وأن الميزانية المقترحة كانت مجرد استمرار للسياسات السابقة مع زيادة الديون.

استجابت الحكومة، بقيادة رئيس الوزراء روزن زيليازكوف، للضغوط الشعبية وأعلنت عن سحب مشروع الميزانية. تعهد زيليازكوف بتقديم ميزانية جديدة تتضمن تنازلات حول العناصر الأكثر إثارة للانقسام، بما في ذلك الزيادات المقترحة في الضرائب والمساهمات الاجتماعية.

مخاوف بشأن الاستعداد للانضمام إلى منطقة اليورو

يأتي هذا التطور في وقت تستعد فيه بلغاريا ورومانيا للانضمام إلى منطقة اليورو في يناير 2026. على الرغم من أن الانضمام يعتبر خطوة مهمة في التنمية السياسية والاقتصادية لبلغاريا، إلا أنه لا يحظى بشعبية كبيرة بين جميع شرائح المجتمع، حيث يشعر البعض بالقلق بشأن التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. التحول إلى اليورو يثير جدلاً حول السياسة الاقتصادية في البلاد.

بلغاريا، وهي أفقر دولة في الاتحاد الأوروبي، انضمت إلى الاتحاد في عام 2007 وبدأت رسميًا عملية الانضمام إلى منطقة اليورو في عام 2018. تم إدراج الليف البلغاري في آلية سعر الصرف الأوروبي في يوليو 2020.

التدخل الروسي المحتمل

أعرب بعض المراقبين عن قلقهم بشأن احتمال تدخل روسيا في المشهد السياسي البلغاري. يقول لورير إن “روسيا دائمًا ما تسعى إلى إثارة الاضطرابات، وأي شيء يعكر صف العملية الديمقراطية في أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي هو أمر مرحب به، خاصة في أوروبا الشرقية، وهي مجال نفوذها السابق”.

أيد الرئيس البلغاري رومين راديف، الذي يتمتع بمنصب رمزي إلى حد كبير، المعارضة ودعا إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وحذر روسلان ستيفانوف، مدير مركز دراسة الديمقراطية في صوفيا، من أن هذا قد يؤدي إلى حالة من الجمود السياسي وإضعاف تحالف بلغاريا مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.

وأضاف ستيفانوف أن “راديف، الذي يتردد صدى تصريحات الكرملين ويعارض اليورو، قد يعرقل العملية على الرغم من أنها غير قابلة للعكس قانونيًا. هذا مزيج متقلب يهدد الاستقرار وقد يدعو إلى مزيد من التدخل الروسي غير المرغوب فيه”. هناك مخاوف متزايدة بشأن الأمن القومي في ظل هذه التطورات.

تشير العديد من التقارير إلى وجود حملة مستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها مدعومة من روسيا، تهدف إلى إثارة المعارضة ونشر الشك والارتباك مع اقتراب موعد انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو.

من المتوقع أن تقدم الحكومة البلغارية مشروع ميزانية جديد في الأسابيع المقبلة. سيكون من المهم مراقبة رد فعل الجمهور والمجتمع الدولي على هذه الميزانية الجديدة، بالإضافة إلى أي تطورات أخرى قد تؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي في بلغاريا. يبقى مستقبل الاستثمار الأجنبي في البلاد رهنًا بالوضوح السياسي.

شاركها.