في كل أزمة تهز المنطقة يبقى سؤال واحد مين هيقدر يطفي النار قبل ما تحرق الجميع والإجابة دايما واحدة مصر. البلد اللي اتعودت تكون في قلب الحدث مش ساعية للشهرة ولا بتدور على مكسب لكن بتحركها مسئوليتها التاريخية تجاه اشقائها. والنهارده العالم كله شايف إزاي مصر بتتحرك بحكمة وقوة في مفاوضات غزة علشان توقف نزيف الدم وتحافظ على ما تبقى من انسانية وسط مشهد مليان بالدمار والوجع.

من أول لحظة اشتعل فيها الصراع كانت مصر بتفتح أبوابها للمفاوضات وبتستقبل كل الأطراف على أرضها. مفيش طرف إلا وتكلمت معاه بلغة السياسة والعقل وبحسابات دقيقة تحافظ على التوازن وتحاول تجمع الكلمة على حل. يمكن الناس تشوف ده دور دبلوماسي عادي لكنه في الحقيقة اكبر بكتير من كده. ده امتداد لدور مصري عمره ما انقطع من أيام الزعامة العربية اللي كانت القاهرة عنوانها وصوتها.

مصر عمرها ما كانت متفرجة على وجع اشقائها سواء في فلسطين او لبنان او السودان او ليبيا. دايما عندها قناعة ان امن العرب ككل لا يتجزأ وان استقرار المنطقة يبدأ من قدرتها على احتواء الخلافات قبل ما تتحول لحروب.
علشان كده مصر بتشتغل في صمت وبتسيب الفعل يتكلم عنها. وده اللي خلى العالم كله يثق في وساطتها ويعرف انها ما بتلعبش سياسة مؤقتة لكنها بتمارس دورها الطبيعي كقلب العروبة النابض.
القاهرة النهارده مش بس بتقود جهود وقف اطلاق النار لكنها كمان بتتحمل عبء انساني ضخم. حدودها مفتوحة لاستقبال المصابين والجرحى والمساعدات الانسانية بتتحرك منها يوميا رغم كل الصعوبات. ده مش مجرد واجب دبلوماسي لكنه نابع من وجدان شعب عمره ما اتأخر عن نصرة الحق ولا عن مد ايده لاخوه وقت الشدة.

تاريخ مصر شاهد انها دايما كانت ميزان المنطقة وقت الاضطراب وصوت العقل وسط الضوضاء. من اتفاقات السلام لجهود المصالحة الفلسطينية ومن مؤتمرات القمة لوقف النزاعات كانت دايما القاهرة حاضرة. يمكن تتغير الوجوه وتتبدل الظروف لكن الثابت الوحيد ان مصر بتبقى هي الركيزة اللي يقف عليها الامل العربي لما الدنيا تشتد.

وفي النهاية يفضل صوت مصر هو النداء اللي بيجمع لما تتفرق الاصوات. مصر ما بتسعى لزعامة شكلية ولا نفوذ زائف لكنها بتؤدي دورها الطبيعي كأم للدنيا وكقلب نابض للعروبة بيضخ في عروقها حياة وقت ما تيأس الشعوب وتتعطل الحلول. ومهما تغيرت الموازين ومهما اشتدت العواصف هتفضل مصر هي نقطة الاتزان الوحيدة اللي يقدر العالم كله يرجع لها لما يدور على السلام الحقيقي.

شاركها.