رغم مرور خمسة أيام على دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة و 24 ساعة على قمة شرم الشيخ للسلام ، لا تزال الانتهاكات الإسرائيلية مستمرة بحق المدنيين في قطاع غزة، مما يثير شكوكا حول التزام إسرائيل ببنود الاتفاق، ويهدد بنسف الجهود الدولية الرامية لتثبيت الهدنة وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة.

9 قتلى خلال 24 ساعة

أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بمقتل تسعة فلسطينيين خلال الـ24 ساعة الماضية بنيران الجيش الإسرائيلي، بينهم سبعة لقوا مصرعهم صباح الثلاثاء، فيما توفي اثنان متأثرين بجراح سابقة.
وأوضحت مصادر إعلامية فلسطينية أن خمسة من القتلى سقطوا في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، جراء إطلاق نار مباشر من طائرات مسيّرة إسرائيلية من طراز “كوادكوبتر”، بينما قُتل فلسطيني وأُصيب آخر في بلدة الفخاري شرق خان يونس إثر قصف مماثل.

تعطيل المساعدات وتكدس الركام

قالت مصادر في شبكة المنظمات الأهلية في غزة إن عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية لا تزال عالقة عند معبر كرم أبو سالم، مع عدم سماح السلطات الإسرائيلية بإدخال مستلزمات الإيواء والإغاثة.
وفي السياق ذاته، أكدت بلدية غزة أن 90% من شوارع المدينة تعرضت لتدمير كلي أو جزئي، وأن أكثر من 50 مليون طن من الركام لا تزال تسد الطرق وتعيق جهود الإغاثة.

تقليص المساعدات ورفض فتح معبر رفح

في خرق إضافي لاتفاق شرم الشيخ، أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة أنها لن تسمح إلا بدخول 300 شاحنة مساعدات فقط يوم الأربعاء، وهو نصف العدد المتفق عليه.
كما أعلنت رفضها فتح معبر رفح الحدودي، مبررة ذلك بعدم استلام رفات محتجزين إسرائيليين من حركة حماس، بحسب ما نقلته “تايمز أوف إسرائيل” و”رويترز”.

ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فإن هذه الإجراءات تأتي ضمن “عقوبات على حماس”، في إشارة إلى استخدام المعابر والاحتياجات الإنسانية كأوراق ضغط سياسية.

حماس تتهم  إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار

وفي تصريح صحفي، أدان حازم قاسم، الناطق باسم حركة “حماس”، هذه الانتهاكات، مؤكدًا أنها تمثل “خرقًا صريحًا لاتفاق وقف إطلاق النار”. ودعا قاسم الجهات الراعية للاتفاق، وعلى رأسها مصر والأمم المتحدة، إلى “محاسبة الاحتلال ومنعه من التنصل من التزاماته”.

من جانبها، حاولت القيادة العسكرية الإسرائيلية تبرير العمليات العسكرية، قائلة إن “إطلاق النار جاء ضمن ما تسمح به قواعد الاشتباك التي ينص عليها الاتفاق”، وهو ما رفضته الفصائل الفلسطينية بشدة.

جثامين الأسرى ذريعة لإفشال اتفاق غزة

تتزايد المؤشرات على أن الاحتلال الإسرائيلي يترقب أي فرصة لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع تصاعد أزمة جثامين الأسرى الإسرائيليين، التي بدأت تهدد بانهيار التفاهمات التي تم التوصل إليها مؤخراً.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول سياسي إسرائيلي إن عدم إعادة جثامين الرهائن ربما يؤدي إلى إفشال الاتفاق، رغم أن “قرارا لم يتخذ بعد بشأن ما إذا كان تأخير التسليم يُعد خرقًا رسميًا للاتفاق”.

وفيما تسعى إسرائيل لاعتبار التأخير فشلًا في التنفيذ، أكد المسؤول نفسه أن “إسرائيل تدرس الأمر”، خاصة مع إعلان حماس أن إعادة جميع الجثامين قد تواجه صعوبات ميدانية حقيقية، مضيفًا: “نريد استنفاد كل الفرص، ومن الواضح أن تسليم الجثامين سيستغرق وقتًا أطول قليلًا”.

في المقابل، نقلت شبكة CNN أن عائلات الأسرى الإسرائيليين وجهت رسالة إلى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف دعته فيها إلى التحرك العاجل لضمان استعادة جميع القتلى.

أما صحيفة “هآرتس” فقد كشفت أن التقديرات الإسرائيلية كانت تشير إلى أن عملية التسليم ستستغرق أسابيع، لكن الاحتلال لم يتوقع أن تسلم حماس أربع جثامين فقط حتى الآن. كما نقلت عن مصادر عسكرية أن لدى حماس معلومات عن عدد أكبر من القتلى، وليس فقط الأربعة الذين تم تسليمهم.

وبحسب الصحيفة، فإن القيادة السياسية الإسرائيلية تمتنع حتى الآن عن الإفصاح عما إذا كانت تعتبر التأخير “أزمة” أم “تأخيرًا معقولًا”، ما يعكس ترددًا مقصودا قد يمهد لتصعيد جديد.

ويرى مراقبون أن تلويح إسرائيل باعتبار التأخير خرقا، يشير إلى نية مبيتة لإفشال الاتفاق.

شاركها.