أعلنت شركة ميتا، المالكة لفيسبوك وإنستغرام، عن تحول في استراتيجيتها المتعلقة بتطوير الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت في الابتعاد عن النماذج مفتوحة المصدر لصالح النماذج المغلقة الأكثر تقليدية. يأتي هذا التغيير بعد فترة من الترويج الواسع لنهج ميتا في تطوير الذكاء الاصطناعي القائم على التعاون والمشاركة المجتمعية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل مشاريعها في هذا المجال.

وكشفت تقارير إعلامية، من بينها تقرير لشبكة سي إن بي سي، عن هذا التحول، مشيرةً إلى أن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، قلل بشكل ملحوظ من الإشارة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر “لاما” في أحدث اجتماع للشركة لمناقشة الأرباح. هذا التراجع في الحديث عن “لاما” يعكس تحولاً داخلياً في الأولويات.

تحديات تواجه مشروع “أفوكادو” للذكاء الاصطناعي

تواجه ميتا تحديات في تطوير نموذجها الخاص من الذكاء الاصطناعي مغلق المصدر، والذي يحمل اسم “أفوكادو”. ووفقًا لمصادر مطلعة على المشروع، فإن عملية التدريب تواجه بعض العقبات، على الرغم من أن الشركة لا تزال تخطط لإطلاقه في الربع الأول من عام 2026.

ومع ذلك، نفت ميتا بشكل قاطع وجود أي صعوبات كبيرة في عملية التدريب. وأكد متحدث رسمي للشركة أن المشروع يسير وفقًا للجدول الزمني المحدد، وأن عملية التطوير لم تشهد أي تغييرات جوهرية.

توظيف الكفاءات وتأثيرها على الاستراتيجية

يأتي هذا التحول في استراتيجية ميتا بعد فترة من التعيينات الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك انضمام ألكسندر وانغ، مؤسس شركة “سكيل إيه آي”، بالإضافة إلى عدد من كبار المهندسين العالميين المتخصصين في هذا المجال.

تشير التقارير إلى أن هؤلاء المهندسين الجدد يفضلون العمل على نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة، وهو ما قد يكون ساهم في دفع ميتا نحو هذا التغيير. هذا التحول يعكس اختلافًا في وجهات النظر حول أفضل طريقة لتطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

استياء ميتا من نماذج الذكاء الاصطناعي المنافسة

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن ميتا تشعر بالاستياء من بعض الشركات التي تستخدم نماذجها مفتوحة المصدر لتطوير منتجات منافسة. على وجه الخصوص، أثار نموذج “ديب سيك” الصيني، الذي استخدم أجزاء من نموذج “لاما” مفتوح المصدر، قلقًا لدى ميتا ومهندسيها، مما عزز التفكير في حماية تقنياتها من خلال النماذج المغلقة.

هذا الأمر يثير نقاشًا أوسع حول التوازن بين التعاون والمنافسة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، وحقوق الملكية الفكرية للنماذج مفتوحة المصدر.

التحول نحو النماذج المغلقة قد يؤثر على وتيرة الابتكار في ميتا، حيث أن النماذج مفتوحة المصدر تسمح بمشاركة أوسع للمعرفة والخبرات. ومع ذلك، قد توفر النماذج المغلقة مزيدًا من التحكم والأمان للشركة، خاصةً في ظل المخاوف المتزايدة بشأن الاستخدامات الضارة المحتملة للذكاء الاصطناعي.

تعتبر هذه الخطوة جزءًا من اتجاه أوسع في صناعة التكنولوجيا، حيث بدأت العديد من الشركات في إعادة تقييم استراتيجياتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز بشكل أكبر على حماية بياناتها وتقنياتها.

من المتوقع أن تستمر ميتا في الاستثمار في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكن من المرجح أن يكون التركيز الأكبر على النماذج المغلقة في المستقبل القريب. وسيكون من المهم مراقبة كيفية تأثير هذا التحول على قدرة ميتا على المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي، وعلى علاقاتها مع مجتمع المطورين.

يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت ميتا ستتخلى تمامًا عن النماذج مفتوحة المصدر، أم أنها ستواصل دعمها بشكل محدود. الوضع الحالي يشير إلى أن الشركة قد تتبنى نهجًا أكثر توازنًا، مع التركيز على حماية تقنياتها الأساسية مع الاستمرار في التعاون مع المجتمع في بعض المجالات.

شاركها.