أعلنت شركة “روبلوكس” (Roblox) عن سلسلة من التحديثات الأمنية الهامة التي تهدف إلى حماية الأطفال والمراهقين على منصتها، بما في ذلك قيود جديدة على التواصل بين المستخدمين. تأتي هذه الإجراءات استجابةً لمخاوف متزايدة بشأن استغلال الأطفال والتحرش بهم داخل اللعبة، والتي أصبحت تحظى بشعبية كبيرة بين الفئات العمرية الشابة. وتهدف التغييرات إلى جعل تجربة اللعب أكثر أمانًا ومسؤولية.
وستبدأ “روبلوكس” في تطبيق هذه الإجراءات في بداية الشهر المقبل، وذلك من خلال نظام لتقييم الأعمار يهدف إلى تصنيف المستخدمين في فئات عمرية مناسبة. وستعتمد هذه الفئات على عملية تحقق تهدف إلى التأكد من صحة العمر المعلن، مما سيؤثر بشكل كبير على كيفية تفاعل اللاعبين مع بعضهم البعض داخل المنصة.
حماية الأطفال في “روبلوكس”: تحديثات شاملة للسلامة
تعتبر “روبلوكس” واحدة من أكبر منصات الألعاب عبر الإنترنت، حيث يبلغ عدد مستخدميها النشطين شهريًا حوالي 150 مليون لاعب. ومع هذا الحجم الكبير من المستخدمين، وخاصةً الأطفال والمراهقين، ازدادت المخاوف بشأن إمكانية تعرضهم للمخاطر عبر الإنترنت. وقد أدت تقارير متعددة عن حوادث استغلال وتحرش إلى ضغوط متزايدة على الشركة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان”، فإن تصميم اللعبة السابق كان يتيح للمستخدمين الوصول بسهولة إلى التواصل مع الآخرين، مما سهل على المعتدين المحتملين استهداف الأطفال. تهدف التحديثات الجديدة إلى معالجة هذه المشكلة من خلال تقييد التواصل بين الفئات العمرية المختلفة.
آلية تقييم الأعمار الجديدة
تعتمد “روبلوكس” في نظامها الجديد لتقييم الأعمار على آلية مشابهة لتلك المستخدمة في المملكة المتحدة لحظر الوصول إلى المواقع الإباحية للأفراد دون سن 18 عامًا. وستطلب الشركة من المستخدمين الخضوع لعملية تحقق من العمر، والتي قد تتضمن استخدام الصور أو مقاطع الفيديو لتقدير العمر بشكل أكثر دقة. ومع ذلك، أكدت الشركة أنها لن تقوم بتخزين هذه الصور أو المقاطع، وذلك لحماية خصوصية المستخدمين.
وستقسم المنصة المستخدمين إلى الفئات العمرية التالية: أقل من 9 سنوات، من 9 إلى 12 سنة، من 13 إلى 15 سنة، من 16 إلى 17 سنة، من 18 إلى 20 سنة، و 21 سنة فأكبر. سيتمكن المستخدمون فقط من التواصل مع أولئك الذين يقعون في نفس الفئة العمرية، مما يقلل بشكل كبير من فرص تعرض الأطفال للمحتوى غير المناسب أو التفاعلات الضارة.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل “روبلوكس” على تحسين أدوات الإبلاغ عن المخالفات، وتوفير المزيد من الموارد التعليمية للآباء والأوصياء حول كيفية حماية أطفالهم عبر الإنترنت. وتشمل هذه الموارد إرشادات حول كيفية إعداد إعدادات الخصوصية، ومراقبة نشاط الأطفال، والتواصل معهم حول مخاطر الإنترنت.
هذه الخطوات تأتي في سياق أوسع من الجهود المبذولة لتعزيز الأمان الرقمي وحماية الأطفال على الإنترنت. منصات الألعاب بشكل خاص تخضع لتدقيق متزايد بسبب شعبيتها بين الشباب وإمكانية تعرضهم للمخاطر المختلفة. التحقق من العمر هو أحد الإجراءات الرئيسية التي يمكن اتخاذها لتقليل هذه المخاطر.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن نظام تقييم الأعمار وحده قد لا يكون كافيًا لحماية الأطفال بشكل كامل. ويشيرون إلى أن المعتدين قد يحاولون التهرب من هذه القيود من خلال تقديم معلومات خاطئة عن أعمارهم. لذلك، من المهم أن تستمر “روبلوكس” في تطوير أدواتها الأمنية، والتعاون مع خبراء السلامة الرقمية، والاستماع إلى مخاوف المستخدمين.
من المتوقع أن تواجه “روبلوكس” بعض التحديات في تنفيذ هذه التغييرات، بما في ذلك مقاومة من بعض المستخدمين الذين قد يرغبون في التواصل مع أصدقائهم بغض النظر عن أعمارهم. ومع ذلك، فإن الشركة ملتزمة بضمان سلامة جميع مستخدميها، وتعتبر هذه التحديثات خطوة ضرورية في هذا الاتجاه.
في الختام، من المقرر أن يتم تقييم فعالية هذه الإجراءات الجديدة في الأشهر القادمة، مع التركيز على مدى قدرتها على الحد من حوادث الاستغلال والتحرش. وستراقب “روبلوكس” عن كثب ردود الفعل من المستخدمين والخبراء، وستقوم بإجراء أي تعديلات ضرورية لتحسين نظام السلامة لديها. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التغييرات ستكون كافية لمعالجة المخاوف المتزايدة بشأن سلامة الأطفال على المنصة، وما هي الخطوات الإضافية التي قد تحتاج “روبلوكس” إلى اتخاذها في المستقبل.






