تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد اتباع بايدن سياسة ترامب، وفرض قيوداً على الصادرات لاستهداف التكنولوجيا الصينية، إلى جانب الخلافات بشأن تايوان.

ورغم حظر وصول تطبيق “تيك توك” الشهير، الذي تملكه شركة صينية، إلى المستخدمين في الولايات المتحدة لمدة 12 ساعة تقريبا، الأحد، ومع تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، المبكرة بفرض تعرفات جمركية أعلى على الصين مع توليه السلطة، إلا أن الصين تحاول تجنب تكرار سنوات الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن في اسابقة هي الأولى من نوعها حيث قررت الصين لأول مرة إرسال أحد أهم مسؤولي الحزب الشيوعي ونائب رئيس البلاد هان تشنغ إلى الولايات المتحدة يوم الاثنين 20 يناير من أجل حضور حفل تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.

وجاءت الرسالة الصينية بالتودد إلى الولايات المتحدة، رداً على دعوة ترامب للرئيس الصيني شي جين بينغ لحضور حفل التنصيب، في خرق للتقاليد بدعوة قادة أجانب، مع دعوته لعدد من الرؤساء ورؤساء الوزراء الآخرين. مع احتفاظ بكين بإمكانية “الرد بقوة وسرعة إذا ساءت العلاقات”، وفي حالة اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات سلبية أو ساءت العلاقات، خاصة مع تعيين ترامب مسؤولين أمريكيين عن السياسة الخارجية في إدارته القادمة أكثر صرامة تجاه بكين.

ترامب يخطط لأمر تنفيذي بشأن تيك توك

وفي عشية تنصيبه، قال ترامب إنه يخطط لإصدار أمر تنفيذي من شأنه أن يمنح الشركة الأم لـ”تيك توك” ومقرها الصين، مزيدًا من الوقت للعثور على مشترٍ معتمد قبل أن تخضع منصة مشاركة الفيديو الشهيرة لحظر دائم في الولايات المتحدة.

وأوضح ترامب في تجمع في واشنطن إنه سيسمح للتطبيق بالاستمرار في العمل في الولايات المتحدة، “لكن ليكون للولايات المتحدة ملكية 50 بالمئة من تيك توك”.

وأضاف : “تيك توك لا يساوي شيئا، هو صفر دون الحصول على موافقة لتشغيله، إذا تمت الموافقة، سيكون لهم قيمة ضخمة”.

وقال ترامب: “أنا أوافق نيابة عن الولايات المتحدة، ليكون لديهم شريك، الولايات المتحدة، وسيكون لديهم الكثير من العطاءات وسنفعل ما نسميه مشروعا مشتركا”.

وعاد التطبيق للعمل بعد أن أعلن ترامب، الذي من المقرر أن يتولى منصبه، الإثنين، أنه سيصدر أمرا تنفيذيا لإعادة تفعيل المنصة في الولايات المتحدة.

حظر تيك توك 12 ساعة في أمريكا

وكان قد تم حظر وصول التطبيق الشهير إلى المستخدمين في الولايات المتحدة لمدة 12 ساعة تقريبا، الأحد، في الوقت الذي كان من المقرر أن يدخل فيه قانون أمريكي جديد حيز التنفيذ، يلزم تيك توك إما أن يتم بيعه من قبل مالكيه الحاليين في الصين، شركة بايت دانس، أو أن يتم حظره في البلاد.

وبالتزامن مع الإعلان عن عودة تيك توك، أيدت المحكمة العليا الأمريكية في قرارها الذي كان مرتقباً منذ أيام، قانوناً فيدرالياً يلزم شركة “بايت دانس”، الشركة الصينية الأم لتطبيق “تيك توك” بالعثور على مالك غير صيني بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، أو الحظر المحتمل على التطبيق الذي من المُفترض تنفيذه، الأحد المقبل.

واعتبرت المحكمة أن القانون، الذي وقعه الرئيس الأميركي جو بايدن العام الماضي، لا ينتهك حرية التعبير المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور.

وسعت “بايت دانس” إلى إلغاء هذا القانون، فيما قالت إدارة بايدن إن القانون يهدف للسيطرة على التطبيق الذي يملكه منافس أجنبي، ولا يستهدف حرية التعبير.

سبق أن أيد ترمب ذات يوم حظر التطبيق لكنه غير موقفه العام الماضي، وجاء تحوله وسط علامات متزايدة على الدعم لحملته الرئاسية بين المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، ومبادرات من المتبرع الجمهوري جيف ياس الذي يمتلك حصة كبيرة في “بايت دانس”، بحسب وكالة “رويترز”.

يأتي هذا فيما ذكرت مصادر مطلعة لـ”بلومبرغ”، الثلاثاء الماضي، أن مسؤولين الصينيين يدرسون خياراً محتملاً يتضمن استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على عمليات تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة.

مكالمة بين الرئيسين

في تطور هو الأكثر إيجابية يوم الجمعة في العلاقات بين البلدين، كشف ترامب، عن محادثة هاتفية مع الرئيس الصيني، حول التوازن التجاري بين البلدين ومستقبل تطبيق “تيك توك” ومخدر الفنتانيل والتجارة والعديد من القضايا الأخرى.

وقال ترامب عبر منشور على منصة التواصل الاجتماعي Truth Social التابعة له: “كانت المكالمة جيدة جداً لكلاً من الصين والولايات المتحدة. أتوقع أننا سنحل العديد من المشاكل معاً، وأن نبدأ على الفور”.

وأضاف: “لقد ناقشنا التوزان التجاري، و (تدفق مخدر) الفنتانيل، وتيك توك، وعدداً من الموضوعات الأخرى”، وتابع: “سأبذل أنا والرئيس شي قصارى جهدنا لجعل العالم أكثر سلاماً وأماناً”.

وفي المقابل، أعرب الرئيس الصيني عن أمله “في بداية إيجابية” للعلاقات بين بكين وواشنطن خلال فترة الرئاسة الجديدة لترمب، بحسب ما نقله التلفزيون الرسمي الصيني.

ونقل التلفزيون عن شي قوله في مكالمة هاتفية مع ترمب، إنهما يوليان أهمية كبيرة للاتصالات بينهما، وإنهما يريدان دفع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى مستويات أعلى.

احترام المصالح رغم الخلافات

وأشار شي، إلى “حتمية” وجود “خلافات” بين الصين والولايات المتحدة، لكنه شدد على أهمية أن يكون هناك “احترام للمصالح الأساسية، والمخاوف الرئيسية لكل من البلدين، وإيجاد الطرق المناسبة لحل المشاكل”.

وأكد على وجود “مصالح مشتركة كبيرة”، و”مساحة واسعة للتعاون” بين البلدين، معبراً عن إمكانية أن تكون بكين وواشنطن “شريكين وصديقين”.

كما اعتبر الرئيس الصيني، أن “جوهر” العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين يكمن بأن يكون هناك “منفعة متبادلة ومفيدة للجانبين”، مشدداً على أهمية “ألا تكون المواجهة والصراع خيارنا”.

وأكد شي، على ضرورة “تعزيز التعاون القائم على مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المفيدة للجانبين”، مشيراً إلى أن القضية التايوانية “تهم السيادة الوطنية للصين وسلامة أراضيها، وآمل أن نتعامل معها بعناية كبيرة”.

قنوات اتصال استراتيجية

ووفقاً لوسائل الإعلام الرسمية الصينية، اتفق ترمب، وشي على “إنشاء قنوات اتصال استراتيجية”، و”الحفاظ على الاتصالات المنتظمة، لبحث القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك”.

وتبادل الرئيسان، بحسب وسائل الإعلام الصينية، وجهات النظر بشأن القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، مثل الأزمة في أوكرانيا، والصراع “الفلسطيني- الإسرائيلي”.

وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”، في وقت سابق، أن شي وترمب تحدثا هاتفياً، الجمعة، لكنها لم تقدم أي تفاصيل أخرى، وقال الرئيس المنتخب في السادس من يناير الجاري، إنه والرئيس الصيني يتواصلان عن طريق ممثلين، وعبّر عن تفاؤله بشأن العلاقة بينهما.

وجاء الاتصال بعد ساعات إظهار ماركو روبيو، مرشح ترمب لوزارة الخارجية، مواقفاً حادة تجاه الصين، خلال جلسة الاستماع إليه في الكونجرس، معتبراً أن بكين “أكبر تهديد”، بحسب وكالة “رويترز”.

حفل التنصيب

وكان ترامب قد دعا الرئيس الصيني لحضور حفل تنصيبه، وقالت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، إن نائب الرئيس هان تشينج سيحضر بصفته ممثلاً خاصاً للرئيس شي.

وأضافت الوزارة في بيان: “نحن مستعدون للعمل مع الحكومة الأميركية الجديدة لتعزيز الحوار والتواصل، وإيجاد الطريقة المناسبة للبلدين لكي يتعاونا معاً”.

شاركها.