اتفقت جهات تشريعية في الاتحاد الأوروبي على قواعد جديدة تهدف إلى حماية الأطفال والمراهقين على الإنترنت، مع التركيز على تحديد الحد الأدنى للعمر لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ويهدف هذا القرار إلى معالجة المخاطر المتزايدة التي تواجه الشباب على المنصات الرقمية، بما في ذلك المخاطر النفسية والاجتماعية.

جاءت الموافقة الرسمية يوم الأربعاء الموافق 27 نوفمبر 2025، بعد تصويت في البرلمان الأوروبي، وتدعو إلى رفع السن القانوني لاستخدام منصات مثل تيك توك، ويوتيوب، وإنستغرام إلى 16 عامًا. وسيسمح للأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 16 عامًا بالوصول إلى هذه المنصات بموافقة الوالدين أو الأوصياء القانونيين.

تأثير القواعد الجديدة على منصات التواصل الاجتماعي

يشكل هذا الإجراء ضغطًا إضافيًا على شركات وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز إجراءات التحقق من العمر وتوفير بيئات رقمية أكثر أمانًا. تأتي هذه الخطوة بعد فترة من التدقيق المتزايد في تأثير هذه المنصات على الصحة العقلية للشباب، وزيادة المخاوف بشأن التنمر عبر الإنترنت، والمحتوى الضار، والاستغلال المحتمل.

أعرب أعضاء البرلمان عن قلقهم بشكل خاص بشأن تأثير الخوارزميات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي على القصر، والتي قد تعرضهم لمحتوى غير لائق أو يستغل نقاط ضعفهم. وبالتالي، تشمل القواعد المقترحة أيضًا المنصات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء “رفاق افتراضيين” أو تقديم توصيات شخصية.

مخاوف بشأن الصحة النفسية والسلامة عبر الإنترنت

تزايدت الأدلة التي تشير إلى وجود صلة بين الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات الأكل لدى الشباب. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يواجه ملايين الشباب في جميع أنحاء العالم مشاكل في الصحة العقلية مرتبطة بتجاربهم عبر الإنترنت.

بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق متزايد بشأن تعرض الأطفال للمحتوى الذي يحرض على الكراهية، أو العنف، أو السلوكيات الخطرة الأخرى. تهدف هذه القواعد الجديدة إلى تقليل هذه المخاطر من خلال تقييد الوصول إلى المنصات التي لا تلتزم بمعايير السلامة المناسبة. هذا يتماشى مع جهود أوسع نطاقًا لتعزيز أمن الإنترنت وحماية المستخدمين الضعفاء.

بينما يعتقد البعض أن هذه الخطوة ستكون فعالة في حماية الشباب، يرى آخرون أنها قد تكون صعبة التنفيذ وقد تنتهك حقوق الخصوصية. يجادل المنتقدون بأن الأطفال سيجدون طرقًا للتحايل على القيود، وأن التركيز يجب أن يكون على تثقيفهم حول الاستخدام الآمن والمسؤول للإنترنت.

ردود الفعل الأولية والتحديات المحتملة

أشاد العديد من دعاة حماية الطفل والمنظمات غير الحكومية بهذا القرار باعتباره خطوة إيجابية نحو خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا للشباب. لكنهم أشاروا أيضًا إلى أهمية ضمان وجود آليات فعالة لإنفاذ هذه القواعد. كما شددوا على ضرورة توفير موارد إضافية للآباء والمعلمين لمساعدتهم على دعم الشباب في التنقل في عالم الإنترنت.

في المقابل، أعربت بعض شركات المنصات الرقمية عن تحفظها بشأن هذه القواعد الجديدة، مشيرة إلى التحديات التقنية والقانونية التي قد تنشأ عن تنفيذها. كما سلطوا الضوء على أهمية إيجاد توازن بين حماية الشباب وحماية حريتهم في التعبير والتواصل.

يجدر بالذكر أن قادة دول الاتحاد الأوروبي أبدوا بالفعل دعمًا مبدئيًا لفرض حدود عمرية على هذه المنصات في منتصف أكتوبر 2025، ولكنهم أكدوا على رغبتهم في الحفاظ على سلطتهم الوطنية في هذا المجال. وهذا يعني أن التنفيذ الفعلي لهذه القواعد قد يختلف من دولة إلى أخرى.

ومع ذلك، فإن هذا الاتفاق يضع الأساس لمناقشات أعمق حول تنظيم الإنترنت وحماية الأطفال والمراهقين. ويتوقع أن يتم مناقشة اللائحة بشكل أكبر بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل أن يتم اعتمادها رسميًا. هذه العملية، المعروفة باسم “المفاوضات الثلاثية” مع البرلمان والمفوضية، قد تستغرق عدة أشهر.

من المتوقع أن يتم الانتهاء من التفاصيل الدقيقة لتنفيذ هذه القواعد، بما في ذلك الآليات المستخدمة للتحقق من العمر والمسؤوليات المترتبة على منصات التواصل الاجتماعي، بحلول الربع الثاني من عام 2026. وسيكون من المهم مراقبة كيف ستتفاعل الشركات مع هذه اللوائح الجديدة وتعديل سياساتها وخدماتها وفقًا لذلك. والوضع الحالي يشير إلى أن الموضوع سيظل في دائرة الضوء، مع التركيز على الموازنة بين حماية الأطفال والحريات الرقمية.

شاركها.