أعلنت وزارة الدفاع البريطانية عن رصد سفينة تجسس روسية من طراز “يانتار” في مياه قريبة من المملكة المتحدة. وتأتي هذه الحادثة في ظل تصاعد التوترات بين لندن وموسكو، وتزامناً مع استمرار الحرب في أوكرانيا. وتعد هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها رصد السفينة “يانتار” في المياه البريطانية، مما يثير مخاوف بشأن أنشطة التجسس الروسية بالقرب من البنية التحتية الحيوية للمملكة المتحدة، بما في ذلك الكابلات البحرية.

وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي خلال مؤتمر صحفي، وفقاً لسكاي نيوز، إن السفينة مصممة لجمع المعلومات ورسم خرائط للكابلات البحرية، وأن البحرية الملكية البريطانية وطائرات سلاح الجو الملكي تم نشرهما لمراقبة وتتبع تحركات السفينة. وأضاف أن السفينة وجهت أشعة ليزر نحو الطيارين البريطانيين أثناء المراقبة.

تصعيد التوترات: سفينة التجسس الروسية “يانتار” والمخاوف الأمنية

يأتي هذا الحادث في سياق زيادة الأنشطة العسكرية الاستخباراتية الروسية في أوروبا، حيث تتهم دول غربية موسكو بمحاولة تقويض البنية التحتية الحيوية وجمع المعلومات الاستخباراتية. وتعتبر الكابلات البحرية، التي تحمل كميات هائلة من البيانات والاتصالات عبر القارات، هدفاً استراتيجياً محتملاً لعمليات التخريب أو التجسس.

تهديد البنية التحتية البحرية

تعتبر الكابلات البحرية شريان الحياة للاقتصاد العالمي، وأي ضرر يلحق بها يمكن أن يؤدي إلى انقطاع الاتصالات والخدمات المالية. ووفقًا لخبراء الأمن السيبراني، فإن السفن مثل “يانتار” قادرة على جمع معلومات دقيقة عن مسار هذه الكابلات ونقاط ضعفها، مما يجعلها عرضة للخطر.

رد فعل الحكومة البريطانية

حذر هيلي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً: “نراكم، ونعرف ما تفعلون، وإذا تحركت ‘يانتار’ جنوبًا هذا الأسبوع، فنحن مستعدون”. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط لبناء عدد من المصانع لإنتاج الذخيرة والمتفجرات العسكرية، ومن المتوقع أن يبدأ بناء أول مصنع في العام المقبل. تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة المتحدة في مواجهة التهديدات المتزايدة.

بالتزامن مع ذلك، نشرت لجنة الدفاع في مجلس العموم تقريراً أشار إلى أن المملكة المتحدة “تفتقر إلى خطة للدفاع عن الوطن والأراضي الواقعة في الخارج”، وحثت الحكومة على إطلاق “جهد منسق للتواصل مع الجمهور بشأن مستوى التهديد الذي نواجهه”.

السفينة “يانتار” ليست مجرد جزء من عملية بحرية، بل هي جزء من المديرية الرئيسية لأبحاث أعماق البحار التابعة لموسكو (GUGI). ووفقاً لمحللين عسكريين، فإن هذه الوحدة تعمل بشكل أساسي في مجال المراقبة في أوقات السلم والتخريب خلال النزاعات.

وأكد هيلي أن لندن مصممة على تتبع السفينة “يانتار” وردعها كلما اقتربت من المياه البريطانية، بالتعاون مع الحلفاء. وزاد من هذه الأنشطة، التقارير عن قيام الولايات المتحدة بإرسال طائرات مقاتلة لاعتراض طائرات تجسس روسية بالقرب من ألاسكا عدة مرات في أقل من أسبوع، مما يشير إلى زيادة عامة في الأنشطة العسكرية الاستخباراتية الروسية.

في سياق متصل، قامت حلف شمال الأطلسي (الناتو) بتفعيل طائراته الحربية ردًا على ضربات روسية قريبة من الحدود الرومانية في أوكرانيا، مما يعكس القلق المتزايد بشأن تصعيد الصراع في أوكرانيا وتأثيره المحتمل على دول الحلف.

في الوقت الحالي، لا تزال السفينة “يانتار” قيد المراقبة الوثيقة من قبل البحرية الملكية البريطانية وحلفائها. ومن المتوقع أن تستمر لندن في الضغط على موسكو لضمان عدم تهديد أنشطتها الأمن القومي والبنية التحتية الحيوية. ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، من المرجح أن تشهد المنطقة مزيدًا من التوترات والأنشطة العسكرية الاستخباراتية. وستراقب الدول الغربية عن كثب تصرفات روسيا، وتقيِّم مدى استعدادها لتصعيد الموقف.

شاركها.