تعتزم الحكومة البريطانية فرض ضريبة سنوية جديدة على أصحاب المنازل ذات القيمة العالية، وتحديداً تلك التي تتجاوز قيمتها مليوني جنيه إسترليني. يهدف هذا الإجراء، الذي من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في أبريل 2028، إلى زيادة الإيرادات الحكومية من خلال استهداف الثروة بدلاً من الدخل، وهو ما يثير مخاوف بشأن تأثيره على سوق الإسكان الفاخر في بريطانيا.

إعادة تقييم شاملة لـ سوق الإسكان الفاخر البريطانية

من المقرر أن تبدأ الضريبة بمبلغ 2500 جنيه إسترليني سنوياً للعقارات التي تتراوح قيمتها بين مليوني جنيه إسترليني و2.5 مليون جنيه إسترليني، وتتصاعد لتصل إلى 7500 جنيه إسترليني للمنازل التي تزيد قيمتها عن 5 ملايين جنيه إسترليني. وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى جمع حوالي 400 مليون جنيه إسترليني إضافية في السنة المالية 2029، وفقاً لتقرير صادر عن مكتب المسؤولية بالميزانية.

يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه قطاع العقارات البريطاني، وخاصةً الشريحة الفاخرة، بالفعل تباطؤاً ملحوظاً. فقد أدت سلسلة من التغييرات الضريبية السابقة، بما في ذلك رسوم الدمغة المتزايدة، إلى تثبيط المستثمرين وتقليل الطلب على العقارات الراقية.

تأثير محتمل على ضرائب العقارات الأخرى

يشير التقرير إلى أن هذه الضريبة قد تتسبب في تشوهات في السوق العقاري، مما قد يؤثر سلباً على ضرائب العقارات الأخرى. ويرجع ذلك إلى أن تطبيق الضريبة الجديدة سيتطلب إعادة تقييم شاملة للممتلكات، وهو ما لم يحدث منذ عام 1991. هذا التقييم يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في القيم المقدرة للعقارات، وبالتالي التأثير على الضرائب الأخرى المستحقة.

وعلق توم بيل، رئيس قسم الأبحاث السكنية في المملكة المتحدة لدى شركة “نايت فرانك”، قائلاً إن هذا الإجراء يعكس أولوية السياسة على الاعتبارات الاقتصادية، معتبراً أنه سيؤدي إلى زعزعة استقرار السوق مقابل عائد مالي محدود للغاية. وأضاف أن هذا قد يكون مجرد بداية لزيادة الضرائب على الثروة في المستقبل.

ردود فعل السوق الأولية

أظهرت أسعار أسهم شركات بناء المنازل رد فعل سلبياً فورياً على الإعلان، حيث سجلت انخفاضاً ملحوظاً. يعكس هذا الانخفاض مخاوف المستثمرين بشأن تأثير الضريبة على مبيعات العقارات الفاخرة وأرباح الشركات العاملة في هذا القطاع.

أنيشا بيفريدج، رئيسة قسم الأبحاث في شركة “هامتونز”، شددت على أن هذه الضريبة تمثل سابقة خطيرة، حيث أنها من أوائل الضرائب التي تستهدف الثروة بشكل مباشر بدلاً من الدخل. وأوضحت أن الضرائب السابقة، مثل رسوم الدمغة والضريبة على المنازل الثانية، بدأت بمعدلات منخفضة ثم ارتفعت بشكل كبير بمرور الوقت مع سعي الحكومات لتحقيق المزيد من الإيرادات. وهذا ما يثير القلق من أن الضريبة الجديدة قد تشهد زيادات مماثلة في المستقبل.

من الجدير بالذكر أن هذا الإجراء يأتي في سياق عالمي يشهد فيه العديد من الدول نقاشات متزايدة حول كيفية فرض ضرائب أكثر عدالة على الثروة، خاصةً في ظل تزايد التفاوت في الدخل والثروة. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن هناك تدفقاً للخارج من أصحاب الملايين من دول مثل الصين والمملكة المتحدة بحثاً عن بيئات ضريبية أكثر جاذبية.

في الختام، من المتوقع أن يشهد سوق الإسكان الفاخر في بريطانيا فترة من عدم اليقين مع اقتراب موعد تطبيق الضريبة الجديدة في أبريل 2028. سيتعين على أصحاب العقارات المحتملين والموجودين تقييم تأثير هذه الضريبة على استثماراتهم وميزانياتهم. في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر هذه الضريبة على سلوك السوق بشكل عام، وما إذا كانت ستؤدي إلى انخفاض كبير في الأسعار أو زيادة في الهجرة الخارجية لرأس المال.

ينبغي متابعة التطورات المتعلقة بعملية إعادة تقييم العقارات، وردود فعل السوق على المدى الطويل، وأي تعديلات محتملة قد تطرأ على الضريبة في المستقبل. كما يجب الانتباه إلى تأثير هذه الخطوة على الاستثمار الأجنبي في قطاع العقارات البريطاني.

شاركها.