أصدرت شركتا “غوغل” و”آبل” تحذيرات أمنية عاجلة لمستخدميهما حول العالم، وذلك على خلفية تهديد سيبراني خطير يستهدف هواتفهم الذكية. يأتي هذا الإجراء بعد تأكيد الشركتين رصد نشاط ضار يستهدف أنظمة تشغيل هواتفهم، مما يثير مخاوف بشأن أمن بيانات المستخدمين. ويهدف التحذير إلى توعية المستخدمين لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أجهزتهم ومعلوماتهم الشخصية.
التهديد، الذي طال مستخدمين في أكثر من 150 دولة، لم يتم تحديد مصدره بشكل قاطع حتى الآن. ومع ذلك، أشارت “غوغل” إلى أن شركة “إنتليكسا” الإسرائيلية، المتخصصة في تطوير برمجيات التجسس، هي الجهة المسؤولة عن هذا الاختراق، مع وجود تركيز للضحايا في دول عربية وآسيوية مثل السعودية ومصر وطاجكستان وباكستان. لم تكشف “آبل” عن عدد المستخدمين المتضررين أو الجهة الفاعلة بشكل مباشر.
تحذيرات أمنية متزايدة وتصاعد التهديدات السيبرانية
لم يكن هذا التحذير هو الأول من نوعه الذي تصدره شركات التكنولوجيا الكبرى. ففي الأشهر القليلة الماضية، تم استهداف أكثر من 80 صحفياً في إيطاليا وإسبانيا بهجمات مماثلة. يعكس هذا التزايد في الهجمات التهديدات الأمنية المتزايدة التي تواجه مستخدمي الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم، وضرورة اليقظة والحذر.
التحذير الحالي جاء في أعقاب تحقيق استقصائي مشترك نشره كل من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وموقع “إنسايد ستوري” اليوناني، وموقع “إنسايد تيك” السويسري، ومنظمة العفو الدولية. ركز التحقيق على استخدام برمجيات التجسس لاستهداف الأفراد، بما في ذلك الصحفيون وناشرو حقوق الإنسان.
تفاصيل الاختراق وكيفية عمله
وفقًا لتقرير نشره موقع “ذا هاكر نيوز” التقني، تلقى محامٍ متخصص في حقوق الإنسان من إقليم بلوشستان الباكستاني رابطًا مشبوهًا عبر تطبيق “واتساب” من رقم غير معروف. هذه الحوادث تشير إلى أن المخترقين يستخدمون أساليب هندسة اجتماعية لإغراء الضحايا بالنقر على الروابط الضارة، مما يسمح لهم بالوصول إلى أجهزتهم وبياناتهم.
وبرمجيات “إنتليكسا” التي اتهمتها “غوغل” بالمسؤولية عن الاختراق، معروفة بقدرتها على اختراق الهواتف الذكية عن بعد، وسرقة البيانات، وتتبع مواقع المستخدمين. على الرغم من أن الشركة تخضع لعقوبات أمريكية، إلا أنها تواصل عملياتها دون قيود كبيرة.
تأثير الاختراق على الأمن القومي وحقوق الإنسان
يثير هذا الاختراق مخاوف جدية بشأن الأمن القومي وحقوق الإنسان. فقدان السيطرة على البيانات الشخصية يمكن أن يؤدي إلى سرقة الهوية، والابتزاز، والتجسس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام هذه البيانات للتأثير على الرأي العام، وتقويض الديمقراطية، واستهداف الأفراد الذين ينتقدون الحكومات أو الشركات.
وتشير التقارير إلى أن الضحايا المحتملين يشملون نشطاء سياسيين وصحفيين ومحامين، مما يثير تساؤلات حول دوافع الهجوم وهدف الجهة المسؤولة عنه. قد يكون الهدف هو إسكات المعارضة، أو جمع معلومات استخباراتية، أو ممارسة ضغوط سياسية.
ردود فعل الشركات والإجراءات المتخذة
استجابت “آبل” و”غوغل” للتهديد بإرسال تنبيهات أمنية لمستخدميهما، وتقديم إرشادات حول كيفية حماية أجهزتهم. وتشمل هذه الإرشادات تحديث أنظمة التشغيل، وتجنب النقر على الروابط المشبوهة، وتفعيل المصادقة الثنائية.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركتان على تطوير تقنيات جديدة للكشف عن الهجمات السيبرانية ومنعها. وتشمل هذه التقنيات استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحليل سلوك التطبيقات، وتشفير البيانات.
من ناحية أخرى، يطالب خبراء الأمن السيبراني بفرض رقابة أكثر صرامة على شركات مثل “إنتليكسا”، ومنعها من بيع برمجيات التجسس للحكومات والجهات الفاعلة الأخرى التي قد تستخدمها لانتهاك حقوق الإنسان.
من المتوقع أن تستمر التحقيقات في هذا الاختراق في الأيام والأسابيع القادمة، وأن يتم الكشف عن المزيد من التفاصيل حول الجهة المسؤولة عنه ودوافعها. كما من المرجح أن تتخذ الحكومات والمنظمات الدولية إجراءات جديدة لتعزيز الأمن السيبراني وحماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي. يجب على المستخدمين البقاء على اطلاع دائم بأحدث التهديدات الأمنية، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أجهزتهم وبياناتهم.






