بتهمة “التآمر على أمن الدولة”، انطلقت اليوم الثلاثاء محاكمة عشرات المسؤولين في أحزاب سياسية تونسية معارضة ومحامين وشخصيات في مجال الأعمال ووسائل الإعلام.

ومن داخل قاعة الجلسة ردّد أفراد عائلات الموقوفين “حرّيات، حرّيات يا قضاء التعليمات” رافعين صورا لذويهم.

بدأت الجلسة في غياب المتهمين الموقوفين إذ قررت السلطات القضائية أن يمثلوا عبر تقنية الفيديو، في إجراء انتقدته هيئة الدفاع بشدة.

وتعتبر هذه المحاكمة استثنائية لكونها تضم عددا كبيرا من المتهمين من الوجوه السياسية الحزبية البارزة والحقوقيين والمحامين.

ومن بين المتهمين، الناشط الحقوقي جوهر بن مبارك الموقوف حاليا، والذي ندد في رسالة “بمحاولة الدولة “إجهاض التجربة الديمقراطية التونسية الفتية وكان القضاء أحد أهدافها الرئيسية، فسعت جاهدة إلى تدجينه وحشره في زاوية المظالم لتنفيذ أهواء السلطة وتصفية منهجية لكل الأصوات الرافضة أو المقاومة أو حتى الناقدة”.

وعلى غرار الكثير من المنظمات غير الحكومية ومعارضين آخرين، ينتقد بن مبارك ما يصفه بالقضية “الفارغة”.

ومنذ أن قرّر الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في البلاد في يوليو/تموز 2021، يدين المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون باستمرار تراجع الحقوق والحريات في هذا البلد الذي أطلق شرارة “الربيع العربي” في العام 2011.

وأوقف الكثير من المتهمين أثناء حملة مداهمات في صفوف المعارضة في العام 2023. ويواجه نحو 40 شخصا اتهامات بـ”التآمر على الأمن الداخلي والخارجي للدولة” و”الانضمام إلى تنظيمات إرهابية”.

جوهر بن مبارك في رسالة من سجنه انتقد ما يصفه بالقضية “الفارغة” (الجزيرة)

محاكمة جائرة

وتُعرض هذه التهم مرتكبيها لأحكام بالسجن ثقيلة تصل حد عقوبة الإعدام، وفق قانونيين.

ووجهت لعدد من الموقوفين في القضية، بحسب الدفاع، تهم بإجراء اتصالات تُعتبر مشبوهة مع دبلوماسيين. ومن أبرز المتهمين، رئيس الحزب الجمهوري عصام الشابي، والقيادي السابق في حزب النهضة الإسلامي، عبد الحميد الجلاصي.

كذلك، يلاحق في القضية الناشط السياسي الموقوف خيام التركي والحقوقية شيماء عيسى ورجل الأعمال كمال اللطيف والنائبة السابقة والناشطة النسوية بشرى بلحاج حميدة، الموجودة في فرنسا.

وقال أحمد نجيب الشابي رئيس “جبهة الخلاص الوطني” لوكالة الصحافة الفرنسية “محاكمة جائرة لعدد من الشخصيات المرموقة والملتزمة… لن نكون جزءا من مسخرة قضائية الشرط الأول هو علنية الجلسة”.

وأكد المحامي عن هيئة الدفاع سمير ديلو أن القضية “مؤامرة السلطة ضد المعارضة”.

ورأى المحامي الفرنسي كريستيان شارير-بورنازل، الذي يرافع عن بعض المتهمين، أن الملف “مفاجئ”، مبينا أنه “لا يوجد عنصر يبرر وجود مؤامرة ضد أمن الدولة”.

جانب من تحركات سابقة للمعارضة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
جانب من تحركات سابقة للمعارضة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (الجزيرة)

كذلك، تؤكد هيئة الدفاع أن القضية “فارغة” وتعتمد خصوصا على شهادات مجهولة المصدر.

وقد صدرت في الفترة الأخيرة أحكام سجن قاسية على معارضين وشخصيات سياسية أخرى بينهم راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة والرئيس السابق للبرلمان، الذي حُكم عليه بالسجن 22 عاما بتهمة “الإضرار بأمن الدولة”.

ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى “وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين، وإلى احترام الحق في حرية الرأي والتعبير” داعية إلى “الإفراج الفوري لأسباب إنسانية عمن هم في سن متقدمة وعن الذين يعانون مشاكل صحية”.

وأعربت تونس عن “بالغ الاستغراب” لهذه الانتقادات، مؤكدة أن الأشخاص الذين أشارت إليهم الأمم المتحدة قد أُحيلوا على المحاكم “من أجل جرائم حقّ عامّ لا علاقة لها بنشاطهم الحزبي والسياسي أو الإعلامي أو بممارسة حريّة الرأي والتعبير”.

وأكدت وزارة الخارجية التونسية أن “تونس يمكن في هذا الإطار أن تُعطي دروسا لمن يعتقد أنّه في موقع يُتيح توجيه بيانات أو دروس”.

شاركها.