شهد عام 2024 تحولاً ملحوظاً في أداء الأصول الاستثمارية، حيث ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 16% بينما تراجعت قيمة **بتكوين** بنسبة 3%، وهو انعكاس نادر يحدث للمرة الأولى منذ عام 2014. يشير هذا التباين إلى تغير في ديناميكيات السوق وتفضيلات المستثمرين، مما يثير تساؤلات حول مستقبل العملات الرقمية وعلاقتها بالأصول التقليدية.

وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، فإن هذا الانفصال بين أداء الأسهم و **بتكوين** يمثل تحولاً كبيراً عن الاتجاهات السابقة. تاريخياً، كانت العملات المشفرة تميل إلى التحرك جنباً إلى جنب مع الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم، خاصة خلال فترات التقلبات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يشير إلى أن المستثمرين قد بدأوا في إعادة تقييم المخاطر والمكافآت المرتبطة بكل من هذه الفئات من الأصول.

سعر بتكوين القياسي والتراجع الأخير

في وقت سابق من هذا العام، سجلت **بتكوين** مستوى قياسياً تاريخياً تجاوز 125 ألف دولار، مما أثار موجة من التفاؤل بين المستثمرين. لكن هذا الارتفاع لم يستمر طويلاً، حيث بدأت العملة الرقمية في الانخفاض التدريجي على مدار الشهرين الماضيين. يعزى هذا التراجع إلى عدة عوامل، بما في ذلك عمليات التصفية القسرية بقيمة مليارات الدولارات، وتراجع حماس المستثمرين الأفراد.

هبط سعر **بتكوين** مؤقتاً إلى حوالي 85 ألف دولار هذا الأسبوع، أي أقل بنحو 30% من أعلى مستوى لها، قبل أن تتعافى وترتفع فوق 90 ألف دولار. يعكس هذا التقلب الشديد حالة عدم اليقين التي تسود سوق العملات المشفرة، ويؤكد على المخاطر الكامنة في هذا النوع من الاستثمارات.

تأثير العوامل الاقتصادية والسياسية

يرى خبراء الاقتصاد أن هذا التباين في الأداء قد يكون مرتبطاً بتوقعات حول السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية. ارتفاع أسعار الفائدة قد يجعل الأصول الأكثر استقراراً مثل الأسهم أكثر جاذبية، بينما قد يؤدي إلى خروج الاستثمارات من الأصول عالية المخاطر مثل العملات المشفرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد أثرت على توقعات المستثمرين بشأن التنظيمات المستقبلية للعملات المشفرة.

في السابق، كان يُعتقد أن عودة ترامب ستؤدي إلى تنظيمات أكثر ملاءمة للعملات المشفرة، مما قد يدفع أسعارها إلى الارتفاع. ومع ذلك، يبدو أن هذا التوقع لم يتحقق حتى الآن، مما أدى إلى خيبة أمل بعض المستثمرين.

انفصال بتكوين عن الأسهم: نظرة أعمق

تقليدياً، تحركت **بتكوين** والأسهم في اتجاه واحد، خاصة خلال فترة جائحة كورونا، حيث أدت خفض أسعار الفائدة إلى زيادة الاستثمار في الأصول عالية المخاطر. لكن هذا الارتباط لم يعد قائماً في عام 2024. في حين أن أسهم الذكاء الاصطناعي تشهد طفرة كبيرة، والإنفاق الرأسمالي يرتفع، يعود المستثمرون بقوة إلى سوق الأسهم، إلا أن **بتكوين** لم تشارك في هذا الارتفاع.

يشير مات مالي، كبير الخبراء الاستراتيجيين للسوق لدى “ميلر تاباك بلس كو”، إلى أن **بتكوين** هي أصل يعتمد على الزخم، وفي السنوات العشر الماضية، كانت تقود المسار عندما يكون الزخم قوياً. ويضيف أن المعادن الثمينة قد استقطعت جزءاً كبيراً من التدفقات الاستثمارية التي كانت تتجه عادة إلى **بتكوين**.

يعتقد ستيفان أوليت، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة “إف آر إن تي فايننشال”، أن ضعف أداء **بتكوين** الحالي يعود إلى تفوقها الكبير في وقت سابق. فقد تفوقت **بتكوين** بشكل كبير على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” خلال العامين الماضيين، وهو ما قد يكون نتيجة لتبني إدارة ترامب للقطاع. ويرى أن الأسهم كانت في مرحلة اللحاق بالركب.

تدهورت ثقة المستثمرين في **بتكوين** بسرعة، حيث تباطأت التدفقات الداخلة إلى صناديق **بتكوين** المتداولة في البورصة، وتراجعت الدعم المقدم لها. كما أن مؤشرات رئيسية تشير إلى علامات ضعف، مثل قصر سلسلة الإغلاقات اليومية المرتفعة.

من المتوقع أن يستمر سوق العملات المشفرة في التذبذب في الأشهر المقبلة، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية والتنظيمات الحكومية. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذه العوامل، بالإضافة إلى أداء الأصول التقليدية مثل الأسهم والمعادن الثمينة، لتقييم مستقبل **بتكوين** والعملات المشفرة الأخرى. سيحدد رد فعل السوق على هذه التطورات ما إذا كانت **بتكوين** ستتمكن من استعادة مكانتها كأصل رائد في عالم الاستثمار الرقمي.

شاركها.