وساهمت هذه التقنيات المتقدمة في تحسين قدرة الهيئة على كشف الزلازل بدقة وسرعة، خاصة في المناطق ذات النشاط الزلزالي المكثف مثل العيص وحرة الشاقة.
تحسين متابعة الزلازل المتعاقبة
الدكتور عمر سعد، المتخصص في الرؤية الحاسوبية وتحليل البيانات الزلزالية، أوضح أن هذا النظام الجديد يمكنه التمييز بين الزلازل المتعاقبة بدقة تفوق الطرق التقليدية، وهو ما يُعد خطوة كبيرة نحو بناء نظام إنذار مبكر يُسهم في حماية الأرواح والممتلكات.
وأضاف: “ما يميز هذا المشروع هو القدرة على تحليل بيانات الزلازل في الوقت الحقيقي، مما يختصر زمن الاستجابة من دقائق إلى ثوانٍ، وهو أمر حاسم في أوقات الكوارث”.
وكان سعد قد بدأ مسيرته البحثية في مصر، حيث عمل على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، قبل أن ينتقل للعمل في المملكة عام 2023.
ومنذ ذلك الحين، كرّس جهوده لتسخير الذكاء الاصطناعي في خدمة أهداف هيئة المساحة الجيولوجية، عبر أدوات قادرة على تحليل آلاف الموجات الزلزالية بدقة متناهية.
تحديد الزلازل العنقودية
مدير مركز المخاطر الجيولوجية في الهيئة، المهندس تركي السحلي، أكد أن التقنية التي شارك سعد في تطويرها“قدّمت نقلة حقيقية مقارنة بالتحليل اليدوي، وساهمت في تحسين فهمنا للنشاط الزلزالي، خاصة في المناطق البركانية التي تشهد زلازل عنقودية متتابعة”.
ويُشار إلى أن الزلازل العنقودية تُعد من أكثر التحديات تعقيدًا في علم الزلازل، إذ يصعب التمييز بين الموجات المختلفة وتحديد موقع كل هزة بدقة.
وهنا برزت أهمية أدوات الذكاء الاصطناعي التي طوّرها سعد، حيث تُحلل الموجات الأولية والثانوية بسرعة عالية، ما يسمح ببناء قاعدة بيانات دقيقة تُستخدم في صياغة خطط الإخلاء والوقاية وتطوير معايير البناء المقاوم للزلازل.
ويُخطط فريق العمل حاليًا لتوسيع استخدام التقنية لتشمل مناطق إضافية في المملكة، تمهيدًا لتغطية جغرافية شاملة تسهم في تعزيز جاهزية السعودية لأي نشاط زلزالي مستقبلي.
وختم سعد بقوله: “إن تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة أمن المملكة وسلامة سكانها هو الدافع الأول في هذا المشروع. فكل ثانية نوفرها في التحليل قد تعني حياة تُنقذ”.