في مارس 2024، اتخذت بيانكا فونتانا قرارًا جريئًا: الانتقال من أستراليا إلى سردينيا الإيطالية. لم يكن هذا مجرد تغيير في المكان، بل إعادة تقييم كاملة للحياة، مدفوعةً برغبة في الهدوء والارتباط بمجتمع أصيل. وتستعرض هذه القصة مبادرة فريدة من نوعها في سردينيا تهدف إلى عكس الاتجاه الديموغرافي المتدهور من خلال جذب السكان الجدد، بما في ذلك الأجانب، من خلال عروض مغرية مثل بيع المنازل بأسعار زهيدة وتقديم حوافز مالية.

تواجه العديد من القرى والبلدات في المناطق الريفية في سردينيا، كما هو الحال في أجزاء أخرى من إيطاليا، تحديات كبيرة بسبب انخفاض عدد السكان. يرى السكان المحليون أن هذه المبادرات هي خطوة ضرورية للحفاظ على هذه المجتمعات وثقافتها.

جزيرة سردينيا تقدم منازل بأسعار معقولة وحوافز مالية

تعاني المناطق الريفية في سردينيا من هجرة الشباب إلى المدن الساحلية والبر الرئيسي لإيطاليا بحثًا عن فرص عمل وحياة أفضل. وقد أدى ذلك إلى ترك العديد من المنازل مهجورة وتدهور اقتصادي في هذه المناطق. وبدأ الأمر عندما عرضت بعض البلديات، مثل أولولاي ونولفي، منازل للبيع مقابل يورو واحد لجذب المستثمرين والمقيمين الجدد.

إلا أن هذه الخطوة لم تكن كافية، ففي نهاية المطاف، قامت حكومة إقليم سردينيا بتوسيع نطاق الدعم ليشمل ما هو أبعد من مجرد المنازل الرخيصة. ووفقًا لتقارير إعلامية، تقدم الحكومة حاليًا ما يصل إلى 15 ألف يورو للأفراد الذين ينتقلون إلى قرية يقل عدد سكانها عن 3000 نسمة لشراء أو تجديد منزل، بشرط أن يلتزموا بالإقامة لمدة خمس سنوات على الأقل. هذا البرنامج يمثل حوافز مغرية للاستقرار في هذه المناطق.

بالنسبة لفونتانا، اختارت منزلاً في قرية يبلغ عدد سكانها 2500 نسمة مقابل 30 ألف يورو. وقالت إن عملية الشراء كانت واضحة نسبيًا، على الرغم من ضرورة إجراء بعض التجديدات، بما في ذلك إصلاح السقف ومعالجة أضرار المياه.

استفادة فونتانا من برامج التجديد

تمكنت فونتانا من الاستفادة من برنامج حوافز التجديد الذي قدمته الحكومة الإقليمية. تقول إنه على الرغم من تعقيد الإجراءات، إلا أنها كانت قادرة على إكمال الأوراق اللازمة بمساعدة محامٍ. استغرق الحصول على الموافقة وتلقي الأموال أكثر من عام، لكنها تعتبر أن الجهد كان يستحق العناء.

وتشمل خطط فونتانا المستقبلية الكشف عن الجدران الحجرية الأصلية، وإضافة حمامين، وتجهيز مطبخ حديث، وتركيب نظام تدفئة. وتشير إلى أن تكلفة هذه التجديدات لا تزال أقل بكثير مما كانت ستدفعه مقابل نفس الأعمال في أستراليا.

دعم إضافي لزيادة عدد السكان

لا تقتصر مبادرة سردينيا على تجديد المنازل، بل تمتد لتشمل دعمًا ماليًا للأسر. وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة معدل المواليد الذي يعتبر منخفضًا للغاية في الجزيرة، حيث يبلغ 0.91 طفل لكل امرأة، وهو أحد أدنى المعدلات في إيطاليا والاتحاد الأوروبي.

وتقدم الحكومة الإقليمية دعمًا شهريًا قدره 600 يورو للطفل الأول و400 يورو لكل طفل لاحق حتى يبلغ الخامسة من العمر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد الحصول على دعم يصل إلى 20 ألف يورو لبدء عمل تجاري في قرية صغيرة، مما يساهم في خلق فرص عمل محلية.

جذب البدو الرحل والباحثين عن نمط حياة بديل

يبدو أن سردينيا تستهدف أيضًا شريحة من السكان الذين يبحثون عن نمط حياة مختلف. فمع تزايد شعبية العمل عن بعد والبدوية الرقمية، يرى البعض في هذه المجتمعات الريفية ملاذًا من صخب الحياة في المدن الكبرى. وتشير فونتانا إلى أن الكثيرين يبحثون عن “أسلوب حياة أكثر هدوءًا وأكثر ارتباطًا بالطبيعة”.

وتضيف فونتانا أن مشاركة تجربتها عبر الإنترنت وتقديم النصائح للآخرين المهتمين بالانتقال إلى سردينيا يمكن أن يكون له تأثير كبير في جذب المزيد من السكان الجدد. وتؤكد أن هذه المبادرة لا تقتصر على الجانب المادي، بل يتعلق أيضًا بإنشاء مجتمع متماسك وجذاب.

من المتوقع أن تستمر حكومة إقليم سردينيا في تقييم فعالية هذه المبادرات وتعديلها حسب الحاجة. وستراقب عن كثب تأثيرها على عدد السكان المحليين والاقتصاد في المناطق الريفية. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في عكس الاتجاه الديموغرافي المتدهور وتحقيق التنمية المستدامة في سردينيا، ولكنها بالتأكيد تمثل خطوة واعدة نحو مستقبل أكثر إشراقًا لهذه الجزيرة الجميلة.

شاركها.